نظرًا لأهمية الذكاء العاطفي ودوره البالغ في بناء الشخصية الايجابية
وتشكيل وجدان الإنسان السوي في علاقاته مع نفسه ومع المحيطين به ، وانعكاس
ذلك على مدى تميزه في مجال العمل ، إضافة إلى تنمية مهاراته الشخصية وتميزه
في ميدان العمل .
ولقد ولد مصطلح الذكاء العاطفي في الولايات المتحدة في التسعينيات إذ لاحظ
الباحثون هناك من خلال أبحاث ودراسات شملت عشرات الألوف من الأشخاص أن
نجاح الإنسان وسعادته في الحياة لا يتوقفان فقط على شهاداته وتحصيله العلمي
والتي تعبر عن ذكائه العقلي IQ وإنما يحتاجان إلى نوع آخر من الذكاء
سموه الذكاء العاطفي EQ .
ويشير "دانيال جولمان" مؤلف كتاب الذكاء العاطفي عن قصة واقعية حدثت معه : "
في أحد الأيام حيث كان يشعر ببعض التوتر والتعب، وفي طريق العودة إلى
منزله وعند صعوده الحافلة، استقبله سائق الحافلة بابتسامة لطيفة وكلمات
طيبة ..ومن ثم سمعه يرحب بكل راكب بعبارات منعشة: السلام عليكم، مساء
الخير، طابت ليلتك يا أخي، ومع أن السائق غالباً لا يحظ بالاهتمام الكافي
من الركاب إلا أن شعوراً عاماً بالارتياح بدأ يسري سريعاً كالعبير العطر في
أرجاء الحافلة وبدأ ملامسة قلب كل راكب"..هذه القصة حدثت بالفعل مع
"دانيال جولمان" وقد اعتبر هذا السائق مصلحاً ورسول سلام يجوب الشوارع لأنه
نشر دون أن يدري فيروس المشاعر الطيبة، وغيّر بعباراته الإيجابية
وابتسامته اللطيفة تعباً وتجهماً كان مرسوماً على وجوه راكبي حافلته. ....
ولقد أجريت أبحاث خلال 25 سنة من قبل 1000 مؤسسة على عشرات الألوف من الأشخاص وكلها توصلت إلى :
" إن نجاح الإنسان يتوقف على مهارات لا علاقة لها بشهاداته وتحصيله العلمي "
وبالتالي فإن نجاح الإنسان وسعادته في هذه الحياة لا يتوقفان على ذكائه
العقلي فقط وإنما يحتاج إلى مهارات أخرى أطلق عليها اسم الذكاء العاطفي
Emotional Intelligence
الذكاء العاطفي: هو عبارة عن مجموعة من الصفات الشخصية والمهارات
الاجتماعية والوجدانية التي تمكن الشخص من تفهم مشاعر و انفعالات الآخرين،
ومن ثم يكون أكثر قدرة علي ترشيد حياته النفسية والاجتماعية انطلاقا من
هذه المهارات .
هو قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه ومع الآخرين بحيث يحقق أكبر قدر من السعادة لنفسه ولمن حوله.
عواطفنا تنبع من أربعة أبنية أساسية هي:
1. القدرة على الفهم الدقيق والتقدير الدقيق والتعبير الدقيق عن العاطفة
2. القدرة على توليد المشاعر حسب الطلب عندما تسهل فهم الشخص لنفسه أو لشخص آخر
3. القدرة على فهم العواطف والمعرفة التي تنتج عنها
4. القدرة على تنظيم العواطف لتطوير النمو العاطفي والفكري
وهو جملة المهارات النفسية التي يعيش بها ويحتاج إليها الإنسان فمنها:
قدرة الإنسان على تفهم مشاعره والتعامل معها بشكل إيجابي ، فمثلا إذا غضب
يحس بغضبه ويتعامل مع أسبابه ويظهر الغضب ولكن ليس بشكل مدمر وإنما بالحديث
عنه
أما المكونات والعناصر التي تشكل الذكاء العاطفي كما لخصها "دانيال جولمان" هي كما يلي:
• الوعي الذاتي Self-awareness
وهو القدرة على التصرف والقدرة على فهم الشخص لمشاعره وعواطفه هو وكذلك الدوافع وتأثيرها على الآخرين من حوله.
• ضبط الذات Self-control
وهو القدرة على ضبط وتوجيه الانفعالات والمشاعر القوية تجاه الآخرين.
• الحافز Motivation
وهو حب العمل بغض النظر عن الأجور والترقيات والمركز الشخصي.
• التعاطف Empathy
وهو القدرة على تفهم مشاعر وعواطف الآخرين وكذلك المهارة في التعامل مع الآخرين فيما يخص ردود أفعالهم العاطفية.
• المهارة الاجتماعية Social skill
وهي الكفاءة في إدارة العلاقات وبنائها والقدرة على إيجاد أرضية مشتركة وبناء التفاهمات
فالشخص الذي يتسم بدرجة عالية من الذكاء الوجداني، يتصف بقدرات ومهارات تمكنه من أن:
• يتعاطف مع الآخرين خاصة في أوقات ضيقهم.
• يسهل عليه تكوين الأصدقاء والمحافظة عليهم .
• يتحكم في الانفعالات والتقلبات الوجدانية.
• يعبر عن المشاعر والأحاسيس بسهولة.
• يتفهم المشكلات بين الأشخاص و يحل الخلافات بينهم بيسر.
• يحترم الآخرين ويقدرهم.
• يظهر درجة عالية من الود والمودة في تعاملاته مع الناس.
• يحقق الحب والتقدير من الذين يعرفونه .
• يتفهم مشاعر الآخرين ودوافعهم ويستطيع أن ينظر للأمور من وجهات نظرهم.
• يميل للاستقلال في الرأي والحكم وفهم الأمور.
• يتكيف للمواقف الاجتماعية الجديدة بسهولة.
• يواجه المواقف الصعبة بثقة.
• يشعر بالراحة في المواقف الحميمية التي تتطلب تبادل المشاعر و المودة
• يستطيع أن يتصدى للأخطاء .
إن القدرة على السيطرة على العواطف والانفعالات هي أساس الإرادة
وأساس الشخصية الناجحة, وإدارة العواطف هي تحد وهي حاجة ملحه بنفس الوقت,
فهناك أشخاص يتمتعون بمستوى ذكاء مرتفع ولكن لا يستطيعون تسيير حياتهم
العاطفية بشكل جيد, فقد يفشل الشخص اللامع من حيث الذكاء في حياته نتيجة
عدم سيطرته على انفعالاته ودوافعه الجامحة.


دكتور / صلاح عبد السميع عبد الرازق