أفكار ستغير حياتك (2) الفكرة الثانية
(إذا فعلت الأشياء الصحيحة بالطريقة الصحيحة؛ سوف تحصل على النتائج التي ترغبها).بريان تراسي
كان هناك رجل عجوز ظل يسافر في أرجاء الهند، حتى وصل إلى قرية صغيرة، كان الرجل يحتاج إلى طعام وشراب، فاقترب من أحد الأكواخ ثم طرق الباب، فتح صاحب الدار الباب، فقال له الرجل العجوز: لقد ظللت أسافر لأيام عديدة، فهل يمكن أن تعطني بعض الماء والطعام؟ نظر صاحب الكوخ إلى الرجل العجوز في ثيابه الرثة، وقال: ليس لدي ما أستغني عنه، فاذهب لحال سبيلك، طرق الرجل العجوز باب الكوخ التالي وطلب ماءً وطعامًا، ولكن مرة أخرى رد صاحب الكوخ الباب في وجهه.
بعد ذلك، طرق الرجل العجوز باب الكوخ الثالث، فتحت الباب إمرأة، ورأى الرجل العجوز أطفالها يلعبون بالداخل، طلب الرجل من المرأة أن تعطيه بعض من الطعام والشراب، ولكنها ردت عليه قائلة: كيف أطعمك وأنا بالكاد أستطيع إطعام أطفالي؟
رأى الرجل العجوز أن المرأة تريد أن تساعده بالفعل وأن لها قلبًا طيبًا، عندها سألها الرجل: هل لديكِ إناء للطبخ؟ ردت: بالطبع لدي،
قال الرجل العجوز: حسنًا لدي في جيبي حجر سحري، إذا ملأتِ إناء الطبخ ماءً وألقيتِ فيه الحجر السحري، فإننا نستطيع أن نصنع حساءً سحريًا، لم تشعر المرأة بالطمأنينة تجاه ما يقوله الرجل العجوز، ولكنها قررت أن تفعل ما يطلبه.
دخلت المرأة والرجل إلى الفناء الخلفي للكوخ ووضعا الإناء فوق النار، عندها دس الرجل العجوز يده في جيبيه، وأخرج الحجر السحري، وألقاه في الإناء، هبط الحجر إلى قاع الإناء، أخذ الرجل الملعقة الخشبية وتذوق الحساء، ونظر الرجل للمرأة وقال لها: إن طعم الحساء جيد، ولكنه يحتاج إلى شيء آخر، هل لديكِ جزر؟ كان لدى المرأة بضع جزرات، فذهبت وأحضرتها و أضافتها إلى الحساء.
بدأ الرجل العجوز يتذوق الحساء مرة أخرى، ولكنه لم يعجب به وقال: هل لديكِ بطاطس؟ نظرت المرأة إلى الرجل العجوز، وقالت له: إني لم أرَ البطاطس لأسابيع طويلة، في ذلك الوقت كان بعض أهل القرية قد سمعوا بحكاية الرجل العجوز، وتجمعوا ليعرفوا ما يحدث، عندها قالت إحدى النسوة: أنا لدي بطاطس، وذهبت وأحضرت بعض حبات من كوخها، وأضافتها إلى الإناء.
تذوق الرجل العجوز الحساء مرة أخرى، ولكنه لم يرضَ عن طعمه بعد، فقال: إنه لايزال بحاجة إلى بعض البصل، عندها تطوع أحد أهل القرية وأحضر البصل ووضعه في الإناء، استمر الأمر على هذا المنوال لبعض الوقت وكل واحد من أهل القرية يضيف شيئًا إلى الحساء.
وأخيرًا تذوق الرجل العجوز الحساء، وابتسم وقال: إنه أصبح رائعًا، غمس الرجل الملعقة الخشبية في الإناء، وأعطاها للمرأة التي ساعدته أولًا، تذوقت المرأة الحساء وقالت: إنه رائع بالفعل، ثم مررت الملعقة على أهل القرية المتجمعين حولها وبدأ الجميع يستمتعون بالحساء، عندها استدارت المرأة إلى الرجل العجوز لتشكره، ولكنها وجدت أنه اختفي!
في هذا اليوم تعلم أهل القرية درسًا مهمًا للغاية، فقد تعلموا أنه رغم أن كل شخص منهم كان يعاني على حدة من أجل توفير الطعام والشراب لأبنائه، فإنهم عندما وحدوا جهودهم ومواردهم، فإن كل واحد منهم استفاد.
لماذا لم يستطيع هؤلاء القوم فعلًا أن يساعدوا أنفسهم في الوصول إلى هذه النتيجة؟ وعلى الجانب الشخصي الفردي، لماذا لم يستطيع أحد أن يقوم بدور هذا العجوز؟ وما نظرة الرجل العجوز لهؤلاء القوم قبل وبعد هذه التجربة العملية؟
فتعالَ بنا - عزيزي القارئ - لنتعرف على أجوبة هذه الأسئلة من خلال السطور القادمة.
أولًا: ما مغزى هذه القصة؟تؤكد هذه القصة على فكرة هامة مفادها إن الواقع المؤكد كليًا، هو أن ما يفعله الناس هو محصلة أو نتيجة لقيمهم ومعتقداتهم وتجاربهم المتراكمة، حتى تاريخ ما من أعمارهم، كما هي أساس سلوكهم.
وتؤكد هذه القصة أيضًا، أن الخبرة تعتمد على ما يدور في رؤسنا لا ما يجرى في العالم المحيط بنا، أي أن خبراتنا ليست سوى رؤيتنا للعالم المادى بعد تحليلها، والتي لا نملك أى سيطرة عليها، ولكننا نستطيع أن نفكر فيما نرغب أن نفكر فيه.
ثانيًا: أمثال واقعية تدل على تلك الفكرة:على المستوى الشخصي عندما تسترجع ماضيك وتتذكر موقف معين فعلته، لم تكن راضيًا عن نفسك فيه، ربما تقول لنفسك: كم أنا مخطئ كيف تصرفت بهذا الشكل؟ كم مرة حدث معك هذا الموقف، إذا تذكرته سوف تذكر تلك الجملة أو تشعر بالأسى الشديد عما قمت به، ثم تقول لنفسك لو أن الأيام تعود لم أفعل هذا أبدًا.
ولكن إذا فكرت في الأمر، قد تجد أن مصادرك ومعارفك كانت كل ما تمتلكه حينذاك، وهى التي جعلتك تتخذ هذه القرارات، مهما كانت سيئة، ومع مرور الوقت، سوف تكتسب معرفة وخبرة أوسع تساعدك على أن تكون أكثر حكمة.
أما على المستوى الاجتماعي، نجد أن بعض الناس يستخدمون طرق خاطئة لم توصلهم إلى مايريدون من نجاح، أو مثلًا في طرق بسيطة يمكن أن تسهل عليهم في العمل، فلا تتعجب من هذا، فخبراتهم وإمكانياتهم في هذا الموقف، هو ما أجبرهم على ذلك.
توماس إيدسون يطبق هذه الفكرة:
كان لاختراع المصباح الكهربائي قصة مؤثرة في حياة إديسون، ففي أحد الأيام مرضت والدته مرض شديد، وقد إستلزم الأمر إجراء عملية جراحية لها، إلا أن الطبيب لم يتمكن من إجراء العملية؛ نظرًا لعدم وجود الضوء الكافي، واضطر للانتظار للصباح لكي يجري العملية لها.
ومن هنا تولد الإصرار عند إديسون؛ لكي يضئ الليل بضوء مبهر؛ فأنكب على تجاربه ومحاولاته العديدة؛ من أجل تنفيذ فكرته، حتى أنه خاض أكثر من 9999 تجربة في إطار سعيه من أجل نجاح إختراعه، وقال عندما تكرر فشله في تجاربه: (هذا عظيم ... لقد أثبتنا أن هذه أيضا وسيلة فاشلة في الوصول للإختراع الذي نحلم به).
وعلى الرغم من تكرار الفشل للتجارب، إلا أنه لم ييأس وواصل عمله بمنتهى الهمة باذلًا المزيد من الجهد إلى أن كلل تعبه بالنجاح، فتم اختراع المصباح الكهربائي في عام 1879م.
لقد خاض إيدسون أكثر من 9999 تجربة، لماذا لم ييأس منذ فشلت أول تجاربه؟! وماذا أكتسب من كل تجربة مرت؟! هذا ما قاله إيدسون لأحد تلامذته عندما سأله، بعد مرور محاولات كثيرة لصناعة المصباح أننا لن ننجح، فقال له إيدسون: (سننجح، إننى في كل فشل أقترب خطوة إضافية من النجاح)، لذلك اعلم - عزيزي القارئ -، لا يوجد فشل ولكن خبرات وتجارب تكتسبها من مرحلة إلى مرحلة أخرى.
كيف السبيل؟لهذه الفكرة لها مميزات رائعة، إذا استطعنا فعلًا أن نطبقها في واقعنا، وسوف نطبقها على مستويين: الأول على المستوى الشخصي والثاني على المستوى الاجتماعي:
اولًا: على المستوى الشخصي:عندما بدأت سفينة الفضاء "أبوللو11" في الصعود إلى القمر، أجرت هيئة "ناسا" بعض التعديلات الصغيرة في مسار السفينة؛ لكي تضمن أن تهبط في الموقع المحدد، لقد كانت التعديلات على المسار طفيفة للغاية، ولكن لأن القمر بعيد جدًا فإن هذه التعديلات كان لها أثر كبير.
تلك هي التعديلات التي عرفها وكلاء الفضاء، بعد تجارب وملاحظات عدة، ساعدتهم على الوصول لهذه الخطوة، هل لم يتمكن الوكلاء في النجاح بعد ذلك؟! لا، والشاهد ما سمعناه في هذه القصة، إن أنت على مستواك الشخصي، أستفدت من تجاربك السابقة، وإليك بعض الخطوات الهامة:
1. استخدم مبدأ التغذية العكسية "Feedback":ينظر الكثيرون إلى التغذية العكسية، على أنها متعلقة دائمًا بما لا ينبغي عليك عمله، ولكن التغذية العكسية بهذا المعنى تشبه الدواء الذي قد يكون مرًا، ولكنه ضروري إن كنت تسعى لتحقيق الشفاء، ولكن التطبيق الصحيح للتغذية العكسية، هى التي تحوِّل الموقف السلبي إلى الإيجابي أو أكثر إيجابية، والآن كيف يمكنك أن تستخدم التغذية العكسية في حياتك؟
عندما تتذكر الموقف المؤلم القديم، وجِّه لنفسك هذه الأسئلة:
· كيف فعلت ذلك؟
· ما هو سبب وقوعي في هذا الخطأ أو الفشل؟
· متى فعلت ذلك؟ هل التوقيت يشكل أهمية؟
· أين فعلت ذلك؟ هل المكان يشكل أهمية في هذا الصدد؟
وكل هذه أسئلة تساعدك على معرفة الموقف وتحليله، وتحديد أهم الأخطاء، حتى يتم تجنبها في الحياة القادمة.
2. تعلم كيف تحدِّث:إذا أردت أن تخوض أمرًا أو عملًا، تعلم كيف تتم أولًا، وخض تجارب عدة تعليمية وتطبيقية، حتى لا تتعرض لخطوات فشل كثيرة في العمل.
3. خاطب نفسك بإيجابية:حدِّث نفسك دائمًا بلغة إيجابية؛ تقويك على ما تريد أن تفعله، اسألها دائمًا ما الذي أحتاجه؛ لكى أنجح في عمل ذلك؟ حدِّثها برغبة شديدة بلغة تجعل من شيء ما هدفًا لك تسعى لبلوغه، ولكي تساعد نفسك على حصول هذا الهدف، تعلم ما يكفيك كي تحققه، وقسِّم الهدف الواحد إلى مراحل، أمضِ قدمًا تجاه الهدف، سواء عن طريق المساندة الخارجية والتدريب، أم عن طريق تشجيع النفس والتدريب الذاتي، لذلك عليك الآتي:
1. استفد من كل المواقف وخذ منها ما يفيدك واترك ما يحبطك.
2. تعود على أن تخوض تجارب ومهام، نحو هدفك لكي تتمكن من تحقيقه.
3. قل لنفسك دائمًا: إني واثق وقادر على النجاح، والوصول إلى ما أريد إن شاء الله.
ثانيًا: على المستوى الاجتماعي:لقد جسّد سير توم واتسون ثقافة شركة آي بي أم في قراراته، عندما كان قائدًا لها، ذات مرة ارتكب أحد المديرين التنفيذيين الصغار في السن خطأ رهيبًا، كلف الشركة حوالي 10 ملايين دولار، تم استدعاء المدير الصغير إلى مكتب توم واتسون، نظر المدير إلى رئيسه وقال له: أعتقد أنك تريد مني تقديم استقالتي، أليس كذلك؟ عندها نظر إليه واتسون وقال له: بالطبع لا يمكن للشركة أن تستغني عنك، لقد أنفقنا للتو 10 ملايين دولار في تدريبك.
لقد قدم سير توم واتسون، مثلًا في تطبيق هذه الفكرة على المستوى الاجتماعي، فإمكانيات وخبرات ذلك الشاب في هذا العمل كانت بهذا القدر، لذلك تعلم منه الكثير، وإليك بعض النصائح الهامة:
أولًا: نصيحة لك:بدلًا من أن تصدر الأحكام على غيرك، حاول أن تساعده على أن يتفهم ما قام به من خطأ بطريقة خاطئة بشكل أفضل، على مستوى أوضاعه وأحواله، وقدم له صورة من أجل معاونته على إدراك الموقف بصورة أفضل وأوضح، وبهذا الشكل لن تساعد غيرك على أن يصبح أفضل ما يمكنه فحسب، إنما سوف تضع نفسك على الطريق الصحيح لكي تصبح أستاذًا في فن الإتصال.
ثانيًا: العاطفة أقرب وسيلة تستطيع من خلالها مساعدة الآخرين:لكي تستطيع أن تخدم هذه الفكرة على مستوى الآخرين، تعلَّم فن الإتصال الصحيح، وتعلَّم فن استخدام العاطفة من خلال أطايب الكلام (كأن تقول: يا صديقى العزيز)، أخبره بحبك وأن ما تقوله له من دافع حبك له، وأعطِ له هدية من منطلق قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا) [رواه أبو يعلى، وحسنه الألباني]، واحرص دائمًا على توفير احتياجاته أساسية، وكذلك احتياجه للتقدير والتحفيز، وأشعره بذاته ونجاحاته.
وأخيرًا:
إن هذه الفكرة تفتح لك آفاق جديدة في النجاح، إذا قمت بتطبيقها على نفسك، وفي تعاملك مع الآخرين، لذلك تذكر دائمًا الإصرار، وشجع نفسك، ولا تنظر إليها على أنها لا تستطيع، ولا تحكم على الآخرين من أول تجربة، ولكن انظر الى خبراتهم في ذلك الوقت.
أهم المراجع:
1. اضغط الزر وانطلق، روبين سيكوبلاند.
2. البرمجة اللغوية العصبية، إبراهيم الفقي.
3. البرمجة اللغوية العصبية في 21 يوما، هارى إلدر وبيريل هيذر.
4. مدرب البرمجة اللغوية العصبية، أيان ماكديرموت وويندى جاجو.
5. سحر الاتصال، محمد أحمد العطار
.