برج الاسد
الصفات العامة لبرج الأسد
لا أحد يجهل أن حيوان الأسد ملك الوحوش عامة . وإذاً فلا بد من أن يكون الرجل الذي استحق لقب الأسد زعيم أهله وعشيرته أو ملكاً على بيته وعائلته على أقل تقدير . إن جميع الدلائل تشير في الواقع إلى أن مواليد برج الأسد يتمتعون بجميع صفات الزعامة والسلطة , وأن في مظهرهم العام الكثير مما عند ملك الغاب وإن كانوا في بعض الأحيان يبدون كالهررة المسكينة . لكن هذه المظاهر يجب أن لا تغر أحداً . حتى أكثرهم صمتاً وهدوءاً واستكانة يظل في قرارة نفسه أسداً متعالياً متكبراً يتحين الفرصة لاعتلاء العرش وفرض السلطة بالصورة التي يريد .
نظرة إلى أحد مواليد برج الأسد – رجلاً كان أو امرأة – تـُرينا إياه أشبه شيء بالأسد أو اللبؤة الحقيقية . فمن نظراته الكسلى , إلى شعره الكثيف الذي يُتوج رأسه , إلى خطواته الصامتة المنزلقة , إلى مهابته وقدره , كل شيء فيه تقريباً يذكرنا بذلك الحيوان العظيم . إذا مشى فبتؤدة , وإذا تكلم فبهدوء ورزانة , وإذا التفت نحو الآخرين بدت قسماته إمارات التعالي والوقار . وجوده في أي مجلس يُلفت إليه الانتباه سواء تحدث أو لم تحدث , ومعظم الناس يشعرون تجاهه بالهيبة حتى وهو في الهزار والمزاح . شعر رجل برج الأسد متموج ومصفف بطريقة أقرب إلى الفوضى منها إلى التنسيق . أما أنثى الأسد فتتمتع بعينين عذوبتهما لا توصف وإن كان يتطاير منهما الشرر بين الحين والآخر .
يجيد مولود برج الأسد تنظيم الأعمال وتوزيعها على الآخرين بصورة تحفظ له حق معالجة القضايا الأساسية دون القضايا الهامشية أو التي لا طائل منها . إذا أمر أطيع حالاً , وإذا أبدى رأيه عنى كل كلمة . صريح في توجيه النقد والثناء على حد سواء , ومهما تبدلت لهجته ودوافعها تبقى لكلماته أقوى الأثر .
كرم مواليد برج الأسد يُعيد إلى الأذهان ذكرى العصور الغابرة حيث كان الملوك والأمراء يعيشون حياة البذخ والإسراف . إذا دعوا إلى مائدتهم قدموا الطعام والشراب بكثرة وأحاطوا مدعوينهم بكل ضروب الوجاهة والعز . من الطبيعي أن يتعرض بعضهم للخسائر المادية , حتى للإفلاس , بين الفترة والأخرى . ومع ذلك يرفضون المساعدة ولا يقبلونها إلا مُكرهين وفي حالات استـثـنائية . ومقابل ذلك لا يردون محتاجاً ولو اضطروا إلى الاستدانة من أجله .
حب المقامرة في دمائهم والتبذير عندهم هواية ولذة والحرص لغة يجهلونها . كثيراً ما يُحمّلون أنفسهم فوق طاقتها مما يؤدي بهم أحياناً إلى التأفف والشكوى . ومع ذلك يأبون الاتكال على الغير أو التـنازل عن زمام القيادة لأحد . وإذا تلقوا النصح ضربوا به عرض الحائط ليقينهم أنهم أعلى شأناً من الجميع فلا يجوز لهم الاعتراف بأن غيرهم أعلى منهم .
أينما وُجد مولود برج الأسد وُجدت النساء الجميلات أو على الأقل امرأة واحدة جميلة . فهو إما مرتبط أو يوشك أن يرتبط , أو عاشق أو مشرف على العشق , أو خارج للتو من محنة عاطفية . على كل حال من الصعب جداً إيجاد عازب أو أرمل ينتمي إلى هذا البرج لأن غياب العاطفة عن دنياه مُرادف في نظره للعدم . ولا يمنع ذلك أن تـتـقوض حياته العاطفية أحياناً بسبب كبريائه الشديد ولكنه يُواجه مشاكله بالشجاعة والتـفاؤل اللذين عُرفا عنه , وكثيراً ما ينسى أو يتـناسى الإهانة ويعود إلى سابق عهده .
بين مقومات شخصية برج الأسد نجد حب التـنظيم والتـنسيق تارة والفوضى والإهمال تارة أخرى , والميل إلى الثرثرة وإلى معرفة ما يدور بين الناس من أحاديث وأقوال . هذا الإنسان تـتسلط عليه أحياناً فكرة معينة فلا يعود يستطيع التحرر منها . تتجاذبه الحيوية والكسل في آن واحد , ولكنه يعرف كيف يوزع أوقاته بين الجد واللعب دون أن تـتشابك الحالتان فتـُعرقلا سير حياته .
إنه بكل تأكيد صديق ودود مخلص وعلى أتم استعداد لإسعاف المظلومين والمحتاجين . وهو يقف دائماً إلى جانب الحق حتى بالنسبة إلى أعدائه . حيويته خلاقة وقلبه من الذهب النقي تماماً كخلقه . ما يُزعج الآخرين بعض الشيء كبرياؤه وعزة نفسه اللتين لا حدود لهما . اعتداده بنفسه يُـثير السخرية في بعض الأحيان لكن مهابته وشجاعته تكفلان له الاحترام والتـقدير , يكفي أنه أكثر الناس تحسساً بالواجب وأقلهم تهرباً من المسؤولية .
وباختصار يمكن القول أن أكثر ما يميز هذا الإنسان المتفائل ذا الأحلام الوردية من سواه هو تأجج العاطفة لا بالنسبة إلى الأشخاص فحسب بل بالنسبة إلى الحياة نفسها أيضاُ .
الطفل الأسد :
عندما ينال طفل برج الأسد ما يبتغي يُصبح بحق ابن الشمس والمرح والسرور . وعندما تـُسد في وجهه السُبـُل ينزوي بصمت وغضب أو يحتج بالزئير العالي . ليس من الصعب التكهن برغباته لأن كل ما فيه يُشير إلى سعيه لهدف واحد هو تبوأ مكان الصدارة وشغل دور الزعيم المطلق . هل هذا دليل على الغرور والعظمة ؟ نعم , بكل تأكيد ! لكنها طبيعة متأصلة فيه وخارجة عن إرادته . ولهذا السبب لا يستحق من ذويه القسوة أو السخرية . إن أكثر ما يُؤذي طفل برج الأسد سوء المعاملة وخصوصاً أمام الغرباء . يُصاب عندئذٍ بجرح بليغ لا يلتئم بسهولة . حبذا لو يمتـنع أهله عن ردعه وتوبيخه ويستعيضوا منهما بالتوجيه القائم على المحبة والتفهم .
يـُخلق مع هذا الطفل دافع طبيعي يدفعه نحو القمة ويُرافقه لحسن الحظ شعوره بالحق والعدالة وعدم اللؤم أو الخبث . فمن كان على هذه الشاكلة يستحق أن تـُنمّى فيه روح الزعامة شرط ألا ينساق مع الأنانية وحب الذات , وأن يمنح الآخرين فرصة الوصول أيضاً .
على كل حال وسواء أنميت تلك الظاهرة أم لم تـُنمّ يشغل الطفل دور الملك منذ ولادته . تراه يتحكم في والديه وأشقائه وشقيقاته والأقارب والأصدقاء كما لو كان فعلاً صاحب عرش وصولجان . فهو تارة يمتهن التمثيل بقصد لفت الانتباه , وطوراً يكسل ويترفع تاركاً لسواه مجال خدمته ورعايته . وهنا يُصبح التدخل واجباً قبل أن تتأصل فيه تلك العادة فينقلب فيما بعد إلى إنسان جبار متسلط . يجب أن يُعوّد منذ تلك المرحلة احترام شعور الآخرين وحقوقهم وذلك من خلال منهج تربوي صارم وقائم على المحبة في آن واحد .
هنا نوعان من الطفولة عند مواليد برج الأسد : النوع الأول مرح منفتح كريم , والنوع الثاني هادئ خجول لا بطبعه بل نتيجة حتمية لسوء تصرف الأهل وعدم تفهمهم . وهذا النوع الأخير يحتاج إلى رعاية خاصة تحول دون انقلاب الطفل إلى إنسان بالغ مكبوت الشعور سلبي التفكير .
يُحب طفل برج الأسد الألعاب التي يـُعتمد فيها على عنصر الحظ كما يـُحب لعبة العساكر المعروفة ويحتفظ منها بمجموعات مختلفة من الجنود . أما الفتاة فتهوى الملابس الجميلة , وتتصرف بلياقة وتهذيب , وتـنشد المسؤولية وتأبى القيام بالأعمال المنزلية الوضيعة كتنظيف الحمام مثلاً .
يبدو الطفل – الأسد في المدرسة أكثر جرأة وحيوية واندفاعاً من سواه . وهو كريم , يمد رفاقه بالمال وينفق على نفسه الكثير . ذكي دون ريب ولكنه مُعرّض للكسل والإهمال بين الفترة والأخرى . إذا تسلـّح أستاذه بالصبر جعل منه تلميذاً من أنجح التلامذة . هو على كل حال محبوب من معلميه بسبب طيبة قلبه ودفء ابتسامته . ثم إنه يُمارس من حين إلى آخر دور المعلم , فيشرح لزملائه الدروس ويفرض عليهم النظام . يُضاف إلى هذا أنه يحب الحفلات والاختلاط وإطاعة الأوامر المشوبة بالرفق واللين , لكنه يرفض الرضوخ للشدة ويقابلها بالتمرد في بعض الأحيان .
أخيراً يتظاهر هذا الطفل بالشجاعة لكنه يخشى أموراً كثيرة يرفض التــصريح بها . والحقيقة أنه أحوج الأطفال إلى حنان الأم وحدبها , وخصوصاً في المساء عندما يحين موعد نومه .
الرجل الأسد :
ليس بالخبز وحده يعيش رجل برج الأسد . هذه الحقيقة يجب ألا تغيب عن ذهن شريكة عمره إذا أرادت له حقاً حياة كريمة مملوءة بالسعادة والرضى . ولتعلم أن أهم العوامل التي يتغذى بها على الصعيدين النفسي والجسدي هي الحب والاحترام والثناء . ولتكن دائماً على حذر من مظهره الوديع لأن وراءه روحاً أبيّة لا تـُمَس , وإذا مُسّت ردّ بعنف وتحدّ غير متوقعين .
رجل برج الأسد مع المرأة خلوق عاطفي ومتسلط في آن واحد , يتمتع بطاقة حب عظيمة قابلة للتفجر عند أول إشارة . إذا لم يستطع التنفيس عنها ذبل وأوحى بأنه يعيش مأساة حقيقية .
وإذا أسعفه الحظ ولقي رفيقته المثالية انقلب إلى بركان حيّ يطلق حمم الغرام والإعجاب والبذخ . وسائله مع الحبيبة وسائل ملتهبة , ودعوات متلاحقة , وهدايا فاخرة , وغير ذلك من المغريات التي يصعب بل يستحيل مقاومتها . مقابل ذلك لا بد للمرأة التي تحصل على مثل هذا الحب العظيم من أن تدفع ثمنه من حريتها وأعصابها أحياناً . ذلك بأن رجل برج الأسد أشبه بالسجّان وإن كان سجنه من ذهب . إنه يغار على حبيبته من جميع الرجال , ويتدخل في شؤونها الكبيرة والصغيرة , ولا يتردد في إظهار العنف إذا راوده الشك في سلوكها وإخلاصها . بالنسبة إلى زوجة هذا الرجل عليها أن تـُظهر له الطاعة , وأن تـُبدي إعجابها به , وأن تـُغمض عينيها عن مركب العظمة الذي يبدو فيه بوضوح , وأن تـُواجه حماسه واندفاعه بالرزانة والتعقل .
من الأمور التي يرفضها رجل برج الأسد بإصرار عمل الزوجة في الخارج . ولعل سبب ذلك خشيته المنافسة . بالمقابل لا يتردد في إظهارها أمام الأصدقاء وهي على أتم هندام وزينة مما يُشعره بالسعادة والفخر . إلى جانب ذلك تـتسم معاملته لها دائما ً بالنبل والكرم والحماية . حياتهما الاجتماعية ملآنة وإن كان يمارس حياة العزوبية بين الفينة والأخرى فيخرج عندئذٍ مع الأصحاب إلى مقهى أو مطعم أو غيره . مشكلته الأساسية المقامرة والمغامرة بالمال . وعلى زوجته أن تعمل ما في وسعها ليبقى بعيداً عن المزايدات والبورصة وكل ما يشكل خطراً على أوضاعه الاقتصادية . ليس التبذير هوايته الوحيدة لحسن الحظ فهو ميكانيكي من الطراز الأول يفهم الآليات والمحركات وغير ذلك . حقل الكهرباء لا يُستعصى عليه وكذلك النجارة ومشتـقاتها , حتى البناء . وقد يصل به الأمر إلى حد صنع مفروشات البيت أو بناء غرفة إضافية .
في الحفلات يُعتبر عنصر تسلية ومرح . لكن الهزاز لا يُفقده شيئاً من كرامته وقدره . وبما أنه يُحب الجمال ويُقدره حق قدره يبدو أحياناً مشغولاً عن زوجته بتأمل الوجوه الحسنة . لكن تصرفه هذا يخلو من سوء النية ولا يُشكل سبباً للغيرة . على كل حال ابتسامته المشرقة وقلبه الطيب كفيلان بمحو هفواته سواء عند زوجته أو عند الآخرين , وكثيراً ما يتزوج من امرأة دونه مستوى كي يظل محتفظاً بدور السيد المطلق . وإذا أساء الاختيار وشعر أن زوجته تنافسه في العرش بدا تعيساً مُعكر المزاج . من الطريف أن لا ينجب رجل برج الأسد العديد من الأولاد مع أنه والد عطوف كثير الرعاية لأبنائه .
شخصية هذا الإنسان إجمالاً مُحيّرة , فجميع الذين يتعاملون معه يجدون أنفسهم أمام سلسلة من التساؤلات : " هل هو حقاً معطاء أم أنه رجل أناني لا يُحب سوى نفسه ؟ هل عنده صفات الزعامة أم يتظاهر بأنه يملكها ؟ هل هو اجتماعي كما يدّعي ؟ " . شيء واحد على الأقل موجود عنده ولا يستطيع أحد إنكاره وهو كفاءته في الحب والأعمال .
أخيراً عقدة رجل برج الأسد الخوف . . . الخوف من الفشل ومن سخرية الناس . إذا لقي التشجيع اللازم عاد لا يرهب شيئاً . العيش إلى جانبه متعة إذا تمكنت المرأة من إنكار ذاتها واحترامه في آن واحد .
المرأة الأسد :
كثيراً ما تشبه امرأة برج الأسد بزهرة دوار الشمس لأنها كيفما اتجهت تتجه نحوها الأنظار ولا سيما أنظار الرجال . ترى هل تستحق هذا القدر من الاهتمام ؟ نعم متى علمنا أن الطبيعة جادت عليها – دفعة واحدة – بالحيوية والذكاء والجاذبية الجنسية . إنها المرأة المثالية للرجل ذي الثـقة التامة بنفسه . أما من كان عكس ذلك فلا بد من أن تـُكسبه هذه المرأة شعوراً بالنقص كفيلا ً بتـنغيص عيشه .
إنها عاطفية إلى أقصى الدرجات , أي إلى درجة الاحتفاظ قليلا ً بصورة أصدقاء الماضي على الرغم من احتجاج زوجها الذي تعزه ولا تـفضل عليه أحداً . وتبدو في أغلب الأحيان دمثة رقيقة الصوت وديعة القسمات , لكن سرعان ما تـنـقلب هذه المظاهر إلى عكسها أثر مجرد هفوة تبدو من زوجها . إنها لا تـنكر إحساسها المرهف , وكثيراً ما تحذر الآخرين من مغبة سوء معاملتهم لها , مثلها في ذلك مثل لبؤة تشحذ مخالبها يومياً في انتظار الساعة التي تنقض فيها على فريستها .
نصيحة لا بد منها للرجل الذي يحلم بزوجة من هذا النوع : إن كنت تحمل اسماً عادياً لا يوحي بنبل المحتد , أو كنت تـفـتـقر إلى الرجولة الحقة , أو كان سخاؤك محدوداً , فمن الأفضل لك أن تبتعد عن طريقها . أما إذا كنت تـُصرّ على امتلاكها فما عليك إلا أن تكيل لها المديح والثـناء , وأن ترسل لها أفخر الهدايا – لا تهمها الكمية بقدر ما تهمها النوعية – وأن تظهر أمامها بالمظهر اللائق , فهي تعاف الإهمال وتعتبره إهانة لها كما تأنف من الفقر إلى درجة الشعور بالمرض .
خـُلقت المرأة مولودة برج الأسد لتكون قائدة اجتماعية توزع المسؤوليات وتسن الأنظمة والقوانين . ولكنها على الرغم من دفء مشاعرها وابتسامتها المشرقة تخفي في أعماقها الكبرياء والتعالي , ومبعث ذلك إيمانها الشديد بأنها أفضل الجميع على الإطلاق . والطريف أن اعتقادها هذا لا يجر عليها النقمة أو الكراهية وذلك بسبب طيبتها وكرمها ورعايتها للمعوزين والأطفال خاصة .
إن أقصر الطرق التي تؤدي إلى قلبها الإطراء والثناء . وهي تستحق المديح على كل حال من أجل هندامها وأناقتها وتنسيق بيتها وميزات أخرى كثيرة . إنها بهذه المناسبة , تـُفضل الملابس الكلاسيكية والرياضية على غيرها وتختار من الأقمشة أجود الأنواع وأثمنها . وهي ربة بيت ممتازة ومضيفة عظيمة تعرف كيف تـُشرف على راحة مدعويها , وأم مثالية تطري في أطفالها الحسنات دون أن تغض الطرف عن السيئات .
إنها أيضاً مخلصة لزوجها ما دام مخلصاً لها . غير أن اهتمام الرجال بها لا يُسيئها أبداً بل أنها – على العكس – تعتبره برهاناً على أنوثتها وجاذبيتها . ومع ذلك تبقى متحفظة متعالية مع الآخرين وترجو من زوجها أن يحذو حذوها فلا يرفع الحواجز مثلا ً بينه وبين موظفيه أو بينه وبين سكرتيرته الخاصة .
ومولودة برج الأسد تـُفضل بطبيعتها المهنة على أعمال البيت , وتأبى العيش وراء الجدران ولو كانت من ذهب . إذا لم تشغل نفسها بالعمل استعاضت من ذلك بالتبذير وبحياة اجتماعية ملآنة بالحركة .
أخيراً من المحتمل أن تحاول خنق زوجها بشخصيتها القوية الفذة , فعليه أن يتدارك الأمر بالفطنة والرجولة الضروريتين لمثل هذه المهمة الصعبة , لكن من العبث أن يحاول حجبها بدوره لأنها لن تغفر له ذلك أبداً . إنها تعتبر مجرد قبوله به شريكاً لها ورفيقاً , فضلا ً عظيماً إن لم يكن تنازلا ً .
المدير الأسد :
جميع الذين يتعاملون مع أرباب العمل المنتمين إلى برج الأسد يعترفون بأنهم إداريون من الدرجة الممتازة . فهم لا يجيدون تنظيم الأعمال وتوزيعها فحسب وإنما يستطيعون أيضاً وضع الخطوط العريضة لأية قضية بأسلوب فذ إلى درجة يصبح معها التـنفيذ من السهولة بمكان . لهذا السبب كثيراً ما يهملون الجوانب الهامشية في أي موضوع مكتفين بالأساس , تاركين الباقي لمن دونهم مرتبة وخبرة . وإذا صدرت عن هؤلاء الآخرين أفكار ومقترحات جيدة ومبتكرة أسرعوا إلى تبنـّيها وإلى الادعاء بأنها من وحي عقولهم دون أدنى ارتباك أو حرج .
مكتب رب العمل ضخم بكل معنى الكلمة لما يحتوي عليه من المقاعد الوثيرة والسجاد الفاخر واللوحات الثمينة وأواني الزهر وأجهزة الموسيقى وغير ذلك . ولا بد من أن تظهر أيضاً شهادات صاحب المكتب معلقة على الجدران إلى جانب صور تمثله مع غيره من أرباب العمل الناجحين والشخصيات المعروفة في مختلف الحفلات والنشاطات الاجتماعية . غير أن ازدهار أعماله لا يقوم على هذه المظاهر وحدها وإنما في الدرجة الأولى على حيويته التي لا تـُجارى . والواقع أن أكثر موظفيه كفاءة واندفاعاً يبدو مقصّراً إذا قيس به . ليس نشيطاً ومتحمساً فحسب بل أيضاً كريم جواد يمنح الهدايا والمكافآت ولا يتردد في مساعدة جميع العاملين معه على الصعيدين المعنوي والمادي .
من الطبيعي أن تؤدي هذه الحسنات إلى إعجاب مولود برج الأسد بنفسه . فهو يعتقد عن إيمان أنه أفضل الجميع , لكنه لا ينكر على الآخرين فضائلهم بل يُثني عليها علناً , ولكنه في الوقت نفسه يشير إلى السيئات بصراحة وبساطة تقربان من الوقاحة أحياناً . ثم إنه متفائل جريء خلاق يتطلب من موظفيه أن يتحلـّوا بمثل صفاته .
رب العمل هذا يكره الانطوائية والتخفي عند الآخرين كما يكره الدسائس التي تــُحاك عادة في معظم المكاتب والمؤسسات . وهو فضولي , يحشر نفسه فيما لا يعنيه ولو عن نية حسنة وبقصد المساعدة . إحدى هواياته توزيع النصائح والإرشادات وإلقاء المحاضرات والمشاركة في كل نقاش أو حديث يجري أمامه .
يبدو هذا الرجل غريب الأطوار أحياناً . فهو إمّا يثور بعنف لأتفه الأسباب أو يغلق على نفسه باب غرفته ويبقى الساعات صامتاً معتكفاً . أفضل علاج لغضبه السريع وحسه المرهف الإطراء والمديح . هذه الوسيلة كفيلة بمسح جراحه وبعث ابتسامته المشرقة . هذا من ناحية , من ناحية ثانية لباسه أنيق , وأكله جيد , ونومه هانئ , وكرمه لا يوصف , وسحره لا يُقاوم , وعزة نفسه أثمن ما عنده . وهو يحب الأضواء والشهرة وإن كان يتظاهر بعكس ذلك .
يُقال إن الرجل مولود برج الأسد يسعى دائماً لنيل الإعجاب . وهو حسناً يفعل لأنه يستحق الإعجاب دون أدنى ريب . إنه إنسان عظيم بكل ما في الكلمة من معنى , والشرط الأساسي الوحيد كي تـتـفجر فيه هذه الطاقات العظيمة حُسن معاملة الآخرين له .
الموظف الأسد :
يستطيع الموظف المولود في برج الأسد أن يبرز من بين عشرات الموظفين بفضل وسائله الخاصة المتعددة . فهو يندفع في العمل حيناً , ويتصرف بطريقة تلفت للأنظار حيناً آخر . فإذا لم تـنفع هذه الوسيلة أو تلك لجأ إلى مدح نفسه أمام الزملاء عامة وأمام رؤسائه خاصة . وعلى كل حال من الأوفق لرب العمل ألا يهمل هذا الموظف مهما بدا هادئ الطبع لين العريكة .
مهما تكن درجة وظيفته يبدو رجل برج الأسد عظيم الهيبة والشأن . وهو لهذا السبب يسعى لنيل الألقاب أكثر من سعيه لنيل العـلاوات والمنح المادية . لو خـُيـّر بين مركز مرموق يعطيه دخلا ً قليلا ً ومركز مغمور يعطيه دخلا ً مضاعفاً لاختار المركز الأول دون أدنى تردد ليقينه أنه إنسان عظيم يستحق التقدير والتبجيل قبل المكافآت المادية .
طبيعة هذا الموظف تفرض عليه دور القائد والزعيم . فإذا حالت الظروف دون ذلك استعاض من هذا النقص بالنصائح والإرشادات والخدمات التي يسديها لأي ٍ كان دون مقابل . إن أكثر ما يُسعده حاجة الآخرين له , فإذا خلت حياته من العطاء أصبح تعيساً لاقتـناعه بأنه إنسان غير مفيد أو مرغوب فيه . والطريف أنه كلما زاد شعوره بالغبن وعدم التـقدير زاد ميله إلى مساعدة الناس والمساهمة في حل مشاكلهم .
الموظف الذي ينتمي إلى برج الأسد مخلص لعمله متمسك بمسؤولياته يثابر بجد وثبات على أمل الوصول إلى القمة . غير أنه حالما يتبين استحالة هذا الأمر يفقد اندفاعه ويترك عمله لغيره وهو حزين مكسور الخاطر . إنه لا يحس بالمسؤوليات إلا في مرحلة النضوج التام بينما يظهر في سن المراهقة والشباب لعوباً يهوى النساء والسهر والمزاح . ولا يعني ذلك أنه عديم الفائدة , بل ينجح بسهولة في حقل البيع والدعاية والترويج , ويستطيع أن يكسب العديد من الزبائن بفضل ابتسامته المشرقة وقلبه الطيب .
تحت ستار الجرأة والإقدام يخفي هذا الإنسان شعوراً بالقلق النابع من شكه في نفسه ومن خوفه ألا تكون شجاعته حقيقية . وعلى الرغم من ذلك تظل تصرفاته متسمة بطابع الغرور والعظمة . وتبدو منه بين الحين والآخر الميوعة والكسل , لكن ما أن يقع حادث طارئ مهم حتى يواجهه بشجاعة ووعي غير متوقعين منه . وهكذا نجد أن قوته الحقيقية لا تـتـفجر إلا بضغط الظروف والحوادث العصيبة .
من الوظائف والمهن التي يميل إليها التدريس والمحاماة والطب والكتابة والدعاية والإعلان والبيع . يميل أيضاً إلى وظيفة محاضر أو مرشد سياحي . وعلى كل حال ليس نوع العمل الشيء المهم في نظره لأن الأهم هو منحه فرصة إثبات جدارته , إن تشجيعه وإطراءه يحثاه على بذل كل الجهود , بينما يفقده الإهمال وعدم التقدير جزءاً كبيراً من حيويته مما يعود على المؤسسة التي يعمل فيها بالخسارة . وينطبق المبدأ ذاته على الموظفة مولودة برج الأسد التي يُعرف عنها – بالإضافة – حبها للونين البرتقالي والأصفر .
بقي القول إن هذا الموظف يحتاج إلى مرتب عال كي يستطيع أداء عمله على أفضل وجه , إذ من الصعب على من كان مثله أن يتفرغ لواجباته ومسؤولياته وهو قلق على أوضاعه المالية شاعر بأنه لا يستطيع الإنفاق كما ينـبغي . ثم إنه يتطلب علاوة على المال الاستقلال في العمل والتحرر من النظام الصارم .
لذا يجب على كل رب عمل ذكي أن يؤمن لهذا الموظف جميع العوامل التي ذكرناها وأكثر . إذ لا بد من أن يستوفي ما يوازي أضعافها من إخلاص هذا الإنسان العظيم ووفائه