برج الميزان
الصفات العامة لبرج الميزان:
إذا كان الميزان مرادفاً للاتزان فهل يعني ذلك أن مواليد برج الميزان هم حتماً من أصحاب هذه الصفة العظيمة ؟ قبل الإجابة على هذا السؤال علينا أن نتخيـّل ميزاناً عادياً يقوم بوظيفته التـقليدية . ماذا يحدث له بالضبط ؟ ترتـفع إحدى كفتيه قليلا ً ثم تهبط لترتفع الكفة الأخرى , وتهبط هذه بدورها لتعود الأولى إلى الارتفاع من جديد , بعدئذ تتوازى الكفتان وتتعادلان ويصبح الميزان في وضعه المثالي الذي يـُجسّد الدقة أو التعادل أو التوازن , لا فرق . مواليد برج الميزان يسيرون بدورهم على النظام وذات اليسار , تصعد وتهبط ثم تستـقر على وضع ثابت فيه كل معاني الدقة والاتـزان ما شابهها .
يُقال عن هؤلاء الأشخاص أنهم رسل السلام ووسطاء الخير والمحبة بين أبناء البشر . إن طيبة عنصرهم , واستعدادهم للتأمل والبحث , وقربهم إلى القلوب , وحبهم للناس ( على الرغم من كراهيتهم الشديدة لكل حشد أو جمع غفير ) , كل ذلك كفيل بجعلهم أجدر من سواهم بتـقريب وجهات النظر وتوحيد الكلمة والصف واستخلاص المحبة والخير من بذور الشر والنزاع . غير أن نفسهم تـنطوي على العديد من التناقضات . فهم ساذجون وأذكياء بإفراط في آن واحد . قلقون من جهة ومتمهلون في اتخاذ كل رأي أو قرار من جهة أخرى . إذا انطلقوا في الحديث بات إسكاتهم صعباً , وإذا أصغوا فعلوا ذلك بكل جوارحهم . ومع ذلك لا تعود تلك الطباع المحيّرة تـُباغت أحداً متى أخذ الشبه بينهم وبين الميزان في عين الاعتبار .
يفتـقر رجال مواليد هذا البرج إلى الخشونة المعهودة في أبناء جنسهم , والنساء يُفضلن ألبسة الرجال على أثوابهن التـقليدية على الرغم من الأنوثة الشديدة التي يتمتعن بها .
لا أحد يُنكر أن هدف مواليد برج الميزان الاعتدال في كل الميادين . ومع ذلك نجدهم يتبدلون من حال إلى حال بالطريقة نفسها التي يتبدل بها مواليد الجوزاء المعروفين بازدواجيتهم . لكن الفرق بين الطرفين هو أن مواليد برج الميزان يعرفون سلفاً ما يريدون ويتعمّدون التبديل بغية استعادة توازنهم الطبيعي , بينما مواليد برج الجوزاء يفقدون عادة السيطرة على أنفسهم فينقلب مزاجهم انقلاباً تاماً وخارجاً عن إرادتهم . وبهذه المناسبة نقول أن المزاج في برج الميزان خليط عجيب من الطيبة والنعومة والدماثة والجدل والعناد والمنطق والتردد وعدم التراجع . يُـثـير الجدل مثلا ً بسبب أبسط الأمور والقضايا , ويستعمل المنطق والحجة من أجل المعارضة لا غير . ولا يتخذ القرارات إلا بعد الدرس والتمحيص واستعراض جميع الاحتمالات الممكنة وغيرها . لهذا السبب يُقال أن مولود برج الميزان أكثر ما ينجح في ميدان التخطيط الإستراتيجي للحروب مع أنه يكره إراقة الدماء إلى أقصى حد , فإذا اضطر إلى النزول بجيشه إلى القتال عمل ما في وسعه للخروج بأقل عدد ممكن من الضحايا . ينجح هذا الإنسان أيضاً كوسيط بين الأشخاص والفرقاء وذلك لتمكنه العجيب من تهدئة الخواطر ولقدرته على استعراض جميع وجهات النظر بروح العدالة والموضوعية .
مولود برج الميزان مفطور على التردد والتمهل ويكره بالتالي أي استعجال يفرضه عليه الآخرون . في هذه الحالة يصبح عنيداً مشاكساً إلى درجة لا تـُطاق . لكن إذا تـُرك لشأنه قضى الساعات والأيام في التأمل والبحث ومن ثم توصل إلى نقطة اللارجوع عن أي قرار يطلع به . قد يظن البعض أن في ذلك المزاج بعض الطرافة والهوس , لكن مواليد برج الميزان هم في الواقع أشخاص طبيعيون جداً بل في منتهى الحكمة والتعقـل . وبالإضافة إلى استقامتهم في الأعمال والأشغال وإلى اعتدال ميزانهم العاطفي يجلـّون الكتاب والكلمة ويقضون معظم أوقاتهم في المطالعة لذلك قلــّما يخلو بيت أحدهم من مكتبة غنية تزخر بأفضل الكتب والمنشورات .
يستطيع إنسان برج الميزان حماية نفسه من الأمراض النفسية والجسدية الخطيرة بالعادات الحسنة التي ينتهجها في أكله وشربه وعمله وراحته . من الأمور المؤذية له الإفراط في الطعام وفي الكحول خاصة . يعتبر إجمالا ً من أصحاب العافية الشديدة والصحة الممتازة لولا حاجة ماسة إلى الراحة بين الفينة والأخرى . علاوة على العقاقير التي يحتاج إليها في أوقات المرض يدخل في علاجه عنصر الهدوء والراحة والموسيقى والمطالعة .
من أحب الأمور إلى نفسه التوافق سواء أكان ذلك في اللون أو الصوت أو الشعر أو الكلام المقروء والمحكي . إنه ولا ريب صديق الجمال والنظافة أينما وُجدا . روحه فنانة , وعقله حاد كالألماس , طري كالحرير في آن واحد . الهواء رمزه . يهيمن عليه سلام مبعثه كوكب الزهرة (فينوس) . سر هذا الإنسان يبدو في موقفه من الفصول الأربعة , فلا برد الشتاء ولا حر الصيف يلقيان هوى في نفسه . وهو بكل تأكيد يُفضل عليهما اعتدال الخريف والربيع .
الطفل الميزان :
عندما يُرزق الأهل طفلا ً ينتمي إلى برج الميزان تتضاعف سعادتهم أمام جمال خلقته إذ يبدو متـناسب التقطيع , مكتـنز الجسم , مورد الخدين , وجهه ملآن بالبشر والحبور , وابتسامته توحي بأنه نموذج إعلاني في مجلة أطفال أنيقة . فإذا أضفنا إلى ذلك دماثة الطبع وغمازة أو اثنتين لا غنى لطفل برج الميزان عنهما أمكننا إعطاء صورة واضحة عن مرحلة ما بعد الولادة حيث يبدو كل من يراه مبهوراً متعجباً من وسامته وعذوبته الملائكية .
في المرحلة التالية يبقى طفل الميزان محتفظاً بعذوبته وحلاوته ولكنه يتكشف أيضاً عن طباع قد لا تنال من الإعجاب ما نالت صورته الخارجية ساعة الولادة . يتكشف مثلا ً عن التردد والعناد أمام الطعام وخصوصاً إذا وضع أمامه صنفان أو أكثر . ماذا يحدث بالضبط ؟ ينظر إلى أحد الصنفين ملياً ثم ينتقل إلى الصنف الثاني ومنه إلى الأول وهكذا دون أن يمس أحدهما . تتدخل والدته عندئذ مُلحة مستعجلة , فيزيد عناداً وغضباً هذه المرة . من الصعب أن تدرك والدته سر تصرفه هذا ما لم تذكر أنه ينتمي إلى برج الميزان وأن ما تعتقده عناداً ليس سوى الحيرة والتردد في الاختيار . يُقال عن الطفل – الثور أنه عنيد , وهذا صحيح أما طفل برج الميزان فليس سوى طفل يكره العجلة كما يكره الأوامر المشددة ويُفضل أن يصل بنفسه إلى كل قرار – مهما كان بسيطاً – بعد طول البحث والتفكير . وبكلام أبسط ينبغي لوالدته أن تـُريحه من مشقة الاختيار فلا تقدم له أكثر من صنف واحد من الطعام في كل مرة . هذا من جهة , ومن جهة أخرى لا بد من أن يُظهر الحيرة والتردد نفسيهما أمام كل أمر آخر سواء أكان يتعلق بلباسه أو لعبه أو دراسته . هنا أيضاً ينبغي منحه الوقت الكافي , وإذا وجب التدخل في الوقت الملائم فليكن بلطف وهدوء وبأسلوب أقرب إلى الاقتراح منه إلى الأمر الجازم .
كثيراً ما تساءل الأهل عن سبب هذا التردد . السبب هو دون ريب البحث عن الصواب . فالطفل في برج الميزان طيّب مستقيم يخشى ارتكاب الخطأ كما يخشى إلحاق الأذى بمن يحب . لذلك يمتـنع من الإتيان بأي عمل قبل إشباعه درساً وتمحيصاً الأمر الذي يقوده بطبيعة الحال إلى طرح الأسئلة وإثارة الجدل واستعمال لغة المنطق في كل ما يقوله أو يفعله . إن إحساس الخطأ والصواب هذا يجعله كتوماً للأسرار , كارهاً للنميمة , متمسكاً بالحق إلى درجة الوقوف ضد أهله إذا بدا الحق إلى جانب سواهم .
تخلق مع طفل الميزان عادات حميدة لا تـُتوقع ممن في مثل عمره . فهو يُظهر الاهتمام بالطعام لا بالنسبة إلى مذاقه فحسب بل أيضاً بالنسبة إلى تـنوعه ومظهره , كما أنه يأكل الحلوى بكثرة , ويُعطي جو الطعام أهمية لا يُقدرها عادة إلا من كان أكبر سناً وأرجح عقلا ً , فيحيط نفسه بالأزهار والشموع والألوان الجذابة الخ . . . من الطبيعي أن تظهر روحه الفنانة هذه في هندامه ونظافته وتـنسيق غرفته وحاجاته وغير ذلك . وتعبـّر الفتاة المولودة في برج الميزان عن الظاهرة نفسها في طريقة عنايتها بنفسها واستعمالها العطور والصابون وأدوات الزينة وغيرها .
يميل مولود برج الميزان من الجنسين إلى الموسيقى والمطالعة والكتابة إذا لقي التشجيع اللازم من أهله ومعلميه , كما يميل إلى المناقشة والاستـفسار عن كل ما يتعلق بالحياة ولا يُستبعد أن يكون عنده الجواب لكل قضية الأمر الذي يهيئه منذ الطفولة لدور رجل القانون في المستقبل . وهو يسعى بالإضافة , إلى المحافظة على استقلاله وعلى الجوانب الخاصة في حياته ويُبدي في الوقت نفسه اهتماماً كبيراً بأفراد الجنس الآخر . ولهذا السبب تتخلل حياته في سن المراهقة قصص حب عديدة تمر سريعاً دون تترك في نفسه أثراً كبيراً .
قد يشعر أهل هذا الطفل بالضيق بين الحين والآخر بسبب تردده وتفكيره وأسئلته المستمرة . لكن فيما عدا ذلك تبقى الحياة بقربه عميقة ذات مغزى شرط أن تؤمن عوامل سعادته التي هي من الدرجة الأولى : الراحة والجمال والسكينة .
الرجل الميزان :
لا شك أنه أكرم الناس في توزيع النصائح بلا مقابل . عنده الجواب الشافي لكل سؤال وقضية وإن كان صعباً عليه الوقوف موقف المحايد بصورة مستمرة , فحبه للجدل واستناده إلى المنطق والتحليل يدفعانه إلى المجاهرة بآرائه الخاصة بأسلوب فذ يقنع الآخرين على الرغم منهم في كثير من الأحيان . سحره عظيم إلى الدرجة التي يستحيل معها التحرر منه . ابتسامته ولطفه كثيراً ما يمحوان سيئاته عند من يحب فلا ينسى الإساءة وحسب بل تلازمه الابتسامة أيضاً مثل ظله وتعمل المستحيل كي يهنأ ويسعد .
الحب مع هذا الإنسان عملية صعبة يتخلـّلها صعود وهبوط على الرغم من تأثيرات كوكب الزهرة ( فينوس) في سير حياته . لا شك أن سبب تلك الصعوبة يعود إلى عادة التـفكير والتمحيص عنده . وهو لا يكتـفي بإطالة فترة الدرس وحسب بل يتورع أيضاً عن الرجوع عن قراراته في اللحظة نفسها التي يشعر فيها بأنه غير مقتـنع تماماً , مما يدفع الكثيرين إلى اعتـقاد أنه لئيم الطبع بارد الشعور غير أهل للثقة . غير أن الواقع عكس ذلك تماماً . إن طبيعة رجل برج الميزان والعاطفة مترادفان على الرغم من كل التناقضات التي عُرفت عنه وهو يمارس الحب وحسب بل عرف كيف يصقله وكيف يجعله أرقى منه في جميع الأبراج الأخرى .
من الصعب أن يفشل هذا الإنسان في محاولاته مع الحبيبة , لكن الطريف في الأمر هو أنه حالما ينجح في مهمته يأخذ في إظهار التردد والتساؤل عن جدوى الاستمرار . ذلك التردد الذي يكاد يشبه الخوف لا يفقده على كل حال اهتمامه بالجنس الآخر حتى في مرحلة الشيخوخة , وقد يكون أحد أسباب تعلـّق النساء به أسلوبه القائم على المناورة وعدم الرفض من البداية . لكنه " تكتيك " معقد يُعذب المرأة أكثر من الرفض دون ريب . إذا نظرنا إلى رجل الميزان في مرحلة الشباب وجدناه هوائياً متقلب المزاج غالباً ما يخلط بين الصداقة والحب . وهو إذا شاء لنفسه النسيان والسلوى استطاعهما دون كبير عناء أو ندم . لكن ألمه الحقيقي أعظم منه عند الآخرين , ولا نكون مبالغين إذا قلنا أنه في مرحلة العذاب ينهار ويتحوّل إلى حطام .
فضول الرجل في برج الميزان محدود . وهو إذا ناقش فعل ذلك بطريقة مجردة بغية الوصول إلى النظريات الصحيحة لا أكثر . أي أن اهتمامه بالنظريات يفوق اهتمامه بالإنسان نفسه . إن قابليته لدرس الحقائق دون الدوافع تضعه في مصاف القضاة لا الأطباء النفسييـن . تلك هي على كل حال مشكلته الأساسية مع شريكة حياته التي يجهل كوامنها النفسية على الرغم من وضوح الرؤية ومهارة الاستنتاج المعروفين عنه . مقابل ذلك لا يعلو شيء على مكانة الزوجة عنده . وهي – أي الزوجة – تأتي قبل أولاده الذين يعزهم من كل قلبه . وبهذه المناسبة نقول أن دوره كأب يتسم بطابع الحكم والمرشد . فهو يحمي أبناءه الصغار من تعسف أخوتهم الكبار , ويعطي هؤلاء ما يستحقونه من الحرية والاستقلال دون أن يتأثر بمن هم أصغر سناً . بفضله يسود الهدوء والنظام في البيت في معظم الأحيان . وإذا حدث من أولاده أمر يستحق العقاب قام بالواجب دون تردد ودون أن يتخلـّى قيد شعرة عن أسلوب المنطق الذي يتمسّك به في جميع أقواله وأعماله .
الرجل في برج الميزان ميسور الحال إجمالا ً على الرغم من كثرة إنفاقه على الأشخاص والأشياء التي تعتبر مصدر الجمال والسعادة . وهو يستضيف الناس بكثرة , ومع ذلك يكره الاختلاط بالغرباء والجموع الغفيرة كما يكره الأماكن المغلقة والضجيج والفوضى , ثم إنه يهوى التنسيق والترتيب والنظافة والهدوء والأماكن الفسيحة والهواء المنعش ولهذا السبب يبدو بيته أشبه شيء بالواحة وسط ضجيج وغبار ولهاث العالم الخارجي .
أخيراً لا بد من كلمة إلى المرأة التي تقع في حب رجل الميزان : لا تيأسي من تردده وحذره . كوني إيجابية واخطي الخطوة الأولى فهو يستحق منك المبادرة .
المرأة الميزان :
يُقال أن في كل رجل شيئاً من الأنوثة مهما كان بسيطاً , كما أن في كل امرأة شيئاً من الرجولة مهما كان بسيطاً , وهذا صحيح من الوجهة العلمية وإن لم نكن في صدده الآن . نظرة إلى المرأة في برج الميزان ترينا إياها مرتدية زي الرجل بالبساطة نفسها التي ترتدي بها ثياب الحرير . وتبدو في الزييـن بمنتهى الرقة والعذوبة والأناقة . وإذا أمعنا النظر قليلا ً وجدنا أن وراء الثوب – أو البنطلون لا فرق – عقلا ً واعياً وإرادة صلبة وتفكيراً منطقياً يعمل بمبدأ الرجال . وبكلام آخر نقول أن المرأة التي تنتمي إلى برج الميزان يجب أن لا نحكم عليها من خلال غمّازتيها وابتسامتها العذبة فقط .
لا نبالغ إذا قلنا أنها أول من أوجد " المونولوج " أي الحديث من جانب واحد . لكن ذلك لا يعني أنها مجرد امرأة ثرثارة . فهي تزن في الواقع كل كلمة ورأي بُغية الوصول إلى أصدق النتائج وأكثرها موضوعية . وبما أن عندها من الرقة قسطاً وفيراً نجدها تصدر آراءها ومعتـقداتها بطريقة دبلوماسية لا تتوفر لزميلها رجل الميزان . لا يمنعها هذا من الابتعاد عن أساس المواضيع والقضايا التي تعالجها في بعض الأحيان , الأمر الذي يُسبب للآخرين الضيق والانزعاج دون أن يفقدها شيئاً من سحرها وجاذبيتها .
تحب هذه المرأة العمل خارج البيت قبل الزواج وبعده , وهي تهدف من وراء عملها إلى المال الذي تعتبره بطاقة دخول للآخرين الضيق والانزعاج دون أن يفقدها شيئاً من سحرها وجاذبيتها .
تحب هذه المرأة العمل خارج البيت قبل الزواج وبعده , وهي تهدف من وراء عملها إلى المال الذي تعتبره بطاقة دخول إلى عالم الجمال والذوق الرفيع . وإذا فكـّرت في المال أيضاً فمن أجل زوجها الذي تعزه وتحترمه أكثر من أي انسان آخر . ويعتبر الزواج في رأيها شركة مساهمة بين اثنين مع ضرورة وجود أحدهما – تختار نفسها عادة – على رأسها . وهي باختيارها الدور الأول تسعى قبل كل شيء لخدمة زوجها , فتمهد أمامه الطريق وتدرس جميع الإمكانات والسُبُل التي من شأنها أن توصله إلى حيث يبغي . كل ذلك دون تذمّر من ناحيتها , أو شعور بالحرج من ناحيته . المشاركة على كل حال في طبعها , والانفراد بالرأي أو العمل خطأ تحاول تلافيه قدر المُستطاع .
بيتها يبدو كالتحفة الفنية أو كالإعلان في مجلة أنيقة ذات مستوى عال . تهوى جمع الأدوات الفضية والأطباق الثمينة والمفارش الأنيقة والشمعدانات وغير ذلك . طعامها سواء أعد للضيوف أو لأفراد البيت ممتاز نزعاً وطعماً وكمية . وهي محدثة لبقة تعرف كيف تصغي متى أرادت . ثم إنها تحب الملابس الفاخرة والعطور الثمينة والموسيقى الكلاسيكية وتكره العيش بمفردها .
هذه المرأة أيضاً مثـقفة تـثـقيفاً عالياً ينفعها في حياتها الخاصة والعامة . ومع أنها مفطورة على العاطفة إلا أن رجاحة عقلها تدفعها إلى التحرر من تلك العاطفة وخصوصاً في الميادين التي تتطلب المنطق والحكمة . هذا وبسبب أنوثتها الشديدة يظنها البعض ضعيفة مترددة أمام المحن , لكنها من معدن طيّب صلب وذات إرادة حادة تعمل في الأزمات على أفضل نحو وإذاً فليس بالمستغرب أن ( يعبدها ) زوجها من أجل خصالها العديدة بوجه عام ومن أجل لطفها وتوددها بوجه خاص .
إذا تمنت امرأة برج الميزان أن تـُرزق الأولاد كان دافعها الأساسي إرضاء زوجها لا غير . لذلك من الصعب على أولادها أن يحلـّوا محل أبيهم في قلبها في أي وقت من الأوقات مع أنها تكون لهم أماً ممتازة تحسن رعايتهم وتشرف على نظافتهم وراحتهم وتعاملهم باللين والحُسنى في معظم الأحيان . إلى جانب ذلك لا تتردد في تطبيق النظام وفرض العقوبات بوحي من إدراكها وحكمتها ودون أن تنسى , ولو لحظة , هناء زوجها وراحته . فهل يسعنا بعد ذلك سوى القول هنيئاً له بها ؟
المدير الميزان :
من الصعب أن يكون رجل برج الميزان رب عمل مستـقلا ً وذلك لإيمانه بمبدأ المشاركة في جميع الحقول والميادين . فإذا وُجد على رأس مؤسسة أو شركة ما لا بد من أن يكون إلى جانبه – ولو لم يظهر علانية – على الأقل شريك واحد . على كل حال سواء أوجد الشريك أم لم يوجد يبقى رجل الميزان في سدة الرئاسة إنساناً قلقاً في قرارة نفسه وإن بدا عكس ذلك . وهو قلما يلازم مكتبه طويلا ً بل يخرج منه المرة تلو المرة دون أن تظهر عليه العجلة أو الاهتمام الشديد . وبكلام آخر يبدو ساكناً هادئاً على الرغم من انهماكه في العديد من الأفكار والأعمال . تلك الظاهرة هي من بين التـناقضات الكثيرة التي فـُطر عليها .
يبقى رجل برج الميزان على الرغم من علو شأنه إنساناً خجولا ً دمث الطبع يسعى إلى التلاحم مع غيره عن طريق المحادثة الإيجابية . لكن من الخطأ الاعتقاد أنه يثرثر أو يرمي الكلام جزافاً . إنه ولا ريب يُهيّئ آراءه وأقواله قبل الإفصاح عنها , ولهذا السبب يستطيع الاستمرار في كلامه السلس المُنمّق دون أن تضعف حججه وقوة إقناعه . وبما أنه إنسان موضوعي ومُحلل من الدرجة الأولى يُفضل دائماً منح الآخرين فرصة التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم كي تتسنى له المقارنة الصحيحة , ومن ثم الخروج بأفضل الاستنتاجات . ومع لك لا يُستبعد أن يرجع عن قراراته النهائية بعد طول البحث والتفكير الأمر الذي يُحيّر من حوله دون أن يُسبب له أدنى انزعاج . المهم بالنسبة إليه هو أن يبقى ذلك التوافق بين عقله ومشاعره الأخرى . تلك هي حكمته الأساسية .
بين أرباب العمل التابعين لبرج الميزان نساء كثيرات يعملن في مكاتب في غاية النظافة والتنسيق وينجحن في خلق أجواء من السكينة والهدوء مستمدة من حكمة الشرق التي تستهويهن . وهن يحطن أنفسهن عادة بالزهر والنبات والموسيقى والمرايا والألوان الهادئة ويقضين أوقاتهن بالمطالعة والاختلاط بزملاء العمل , ولكنهن لا يترددن في إظهار القسوة والصرامة إذا ما دعت الظروف إلى ذلك . والطريف أنهن أصلب من رجل برج الميزان في معاملتهن للموظفين والمستخدمين . يُضاف إلى هذا أنهن يكرهن الغيبة والنميمة ولا يسمحن بأن تتردد الشائعات داخل المكتب , وهن يحفظن الأسرار ولا يتدخلن في ما لا يعنيهن . ومع ذلك يبقين نساءً في الدرجة الأولى , أي أنهن يتعرضن للوقوع في الحب دون أن يفقدن وعيهن الكامل . بقي القول أن أناقة ربات العمل هؤلاء تـُلفت الانتباه حقاً .
يحتاج رب العمل في برج الميزان – رجلا ً كان أو امرأة – إلى الطعام الجيد المتعدد الأصناف وإلى الراحة ساعة على الأقل خلال النهار , وهو يكره الضجيج والأصوات العالية والكلام الفظ , ويحب دعوة موظفيه إلى منزله حيث يُجيد استقبالهم ويشرف على راحتهم بنفسه . هذا ويتهمه البعض بالبخل بينما يراه البعض الآخر سخياً جداً . والحقيقة أن فيه الصفتين معاً الأمر الذي يُعتبر أحد تناقضاته .
يتصرف هذا الإنسان في المكتب وخارجه تصرفاً لائقاً يرضى عنه الجميع . وهو يؤمن بالأعمال المشتركة – كما ذكرنا سابقاً – ولهذا السبب يـُشجّع على إيجاد النقابات المختلفة وعلى تطبيق العدالة بين جميع الناس . وهو في موقفه هذا يُـثبت أنه بعيد عن الأنانية وجدير بالثقة والاحترام , وليس كما يتصوره البعض . إنه على الرغم من أخطائه إنسان عظيم في رجاحة عقله وسلامة منطقه , وهذا وحده كفيل بمحو سيئاته الأساسية التي هي التردد في اتخاذ الرأي والرجوع عنه في بعض الأحيان .
الموظف الميزان :
يمتاز الموظف المولود في برج الميزان بحس مرهف تجاه الأشياء والأشخاص مما يؤثر في مزاجه وكفاءته فيأخذان في الصعود والهبوط مثل كفتي الميزان الحقيقي . من العوامل التي تؤثر فيه بصورة سلبية فلا يعطي كل ما يقدر عليه الضجيج والصراخ والاستعجال وتصلــّب الأوامر بينما يتفاعل إيجابياً مع الهدوء والصبر واللطف والموسيقى والألوان الهادئة . . . الخ .
هذا الرجل – في أفضل حالاته – وسيط خير ومحبة بين زملاء العمل , يُقرب وجهات النظر ويجمع الشمل ويُصفي النيّات . وهو كثيراً ما ينتمي إلى النقابات والجمعيات حيث تتسنى له فرص أكثر للدفاع عن حقوقه وحقوق الآخرين . لذلك يظل يُجادل ويُناقش ويبحث ويسأل دون أن يتخلـّى عن المنطق والحكمة اللذين منت الطبيعة بهما عليه . غير أن من الصعب معرفة ما يُرضيه أو يُزعجه بصورة مستمرة , فهو قد يكره فجأة ما كان يحب أو يحب ما كان يكره . ومهما يبدر منه يظل الصراخ أو العنف أسوأ وسيلة تـُسيّره . في هذه الحالة يتخلى عن دماثته واعتداله ويصبح كسولا ً عنيداً ولو أغضب الجميع .
لا بد من أن يكون هذا الإنسان مُبحراً في القانون أو خبيراً بحقل ما بالإضافة إلى عمله الأساسي . وهو ينتمي غالباً إلى ناد ثقافي أو مكتبة حباً بالمطالعة . هذا ومن هواياته المفضلة النزهات الطويلة سيراً على القدمين والاستماع إلى الموسيقى أو العزف على آلة ما وقراءة المواضيع الفلسفية أو مناقشتها . أما الموظفة الأنثى في برج الميزان فتبدو حلوة الوجه ساحرة الابتسامة كاملة الأناقة . وهي كزميلها تنتمي إلى أحد النوادي وتقرأ بكثرة وتمشي المسافات الطويلة . وكلاهما يكره الوحدة ويسعى لإقامة العلاقات الطبيعية بأفراد الجنس الآخر . كذلك يهتم الموظف الذي ينتمي إلى برج الميزان بالمجلات التي تتناول المواضيع الجنسية شرط أن تكون ذات مستوى رفيع . إنه قلما يعيش وحيداً , فهو إمّا متزوج أو يوشك أن يتزوج أو له صديقة أو أكثر .
إن هذا الموظف فنان لا في الموسيقى وحسب بل في حقول أخرى كثيرة أيضاً . أما في الأعمال التي ينجح فيها أكثر من سواها فتـتـناول الطب والقضاء والتأليف والنشر والمسرح والسياسة والتموين والديكور والزراعة والدين , ومهما يكن نوع عمله لا يستطيع تأديته على أكمل وجه إلا إذا أمن لنفسه الهدوء والسكينة بعيداً عن كل ما يُشكل في نظره ضغطاً أو ملاحقة . على هذا الأساس يكون فعلا ً رسول خير ومحبة .
لقد شبّه زملاء العمل رجل برج الميزان أكثر من مرة بالجهاز المكيّـف للهواء . كلاهما يؤمن أفضل مناخ للإنتاج الجيد مع فارق بسيط هو أن أحدهما يبقى جامداً لا حراك فيه بينما الثاني يفيض بالحركة والكلام والابتسامة الساحرة خاصة