الإستعارة الصريحة

الاستعار التصريحية

قبل البدء في هذا الموضوع لابد أن نعود إلى أساسه وهو [المجاز اللغوي] الذي
هواللفظ المستعمل في غيرما وضع له أصلا مع قرينة مانعة من إرادة المعنى
الحقيقي ، والعلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي قد تكون المشابهة،
وقد تكون غيرها.

والآن تأمل قول الحطيئة ؛ عندما كان في السجن مستعطفا الخليفة عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) :

_ ماذا تقول لأفراخٍ بذِي مَرَخٍ *** زُغْبِ الحواصِلِ لا ماءٌ ولا شجر

_ ألقيْت كاسبَهم في قَعْرِ مُظْلِمَةٍ *** فاغفرْ ، عليك سلامُ الله يا عمر

هو رجل يبدو كئيبا حزينا ؛ يحاول استدرار عطف الخليفة ، يعرض حالة أطفاله
الصغارالموجودين في مكان يقال له: ( ذو مرخ ) ، فهل تجده عبرعن ذلك بأسلوب
الحقيقة ؟ وقال للخليفة : ( ماذا تقول ( لأطفال ) بذي مرخ ؟)

_ كلا لم يقل الشاعر ذلك .

_ إذاً كيف عبر عن أطفاله الصغار ؟ لقد عبر عنهم بأنهم أفراخ طيور عاجزة
عن كسب قوتها أو إطعام نفسها .

نعم ؛ أن الشاعر استعار لفظة ( الأفراخ ) من معناها الحقيقي ليدل بها على أطفاله.

_ هل استعمل الشاعر كلمة ( أفراخ) في معناها الحقيقي ؟ كلا ،بل استعملها في
معنى مجازي لعلاقة المشابهة بين ( الأطفال ) و (الأفراخ )، ووجه الشبه
بينهما هو الضعف وعدم القدرة على اكتساب الطعام

إذا فقد استعار الحطيئة كلمة ( أفراخ ) من دلالتها الحقيقية ليعبر بها عن أطفاله .

فكيف يسمى هذا النوع من التعبير الذي يستعار فيه لفظ من معناه الحقيقي قصد التعبير به في مكان آخر لغرض المشابهة ؟

نقول : يسمى استعارة وهو نوع من أنواع التشبيه .

ماذا شبه الشاعر ؟ شبه أطفاله بالفراخ ، فالأطفال ( مشبه ) والأفراخ ( مشبه به ) وهما طرفا التشبيه .

هل ذكر الشاعر طرفي التشبيه في بيته الشعري ؟ لا لم يذكر

لعلك تبينت أن الشاعر قد حذف المشبه ( الأطفال ) وصرح بلفظ المشبه به (
أفراخ )، والقرينة التي منعت ورود المعنى الأصلي لكلمة أفراخ هي كلمة (
تقول ) لأن الأفراخ الحقيقية لا يُقال لها ، والعلاقة بين المعنيين
الحقيقي والمجازي حالية أي أن حالة الأطفال تشبه حالة الأفراخ .

_ إذا ماذا يطلق على التشبيه الذي يحذف منه المشبه ، و يصرح بلفظ المشبه به ؟

الجواب إنه الاستعارة التصريحية .

الاستعارة : من المجاز اللغوي، وهي تشبيه بليغ حُذِفَ أحدُ طرفيه، فعلاقته المشابهة دائما

الاستعارة التصريحية : هي تشبيه بليغ حُذِفَ منه المشبه ، و صُرّحَ بلفظ المشبه به .

والغرض البلاغي من الاستعارة التصريحية ، وكذلك سر جمالها يتمثل في (
الادعاء بأن المشبه هو عين المشبه به ، مع إظهار درجة وصدق عاطفة الأديب )