هل العمل علاج للقلق والملل؟؟
الكثير من الفلاسفة والمفكرين يرون أن العمل هو أفضل علاج للقلق والكآبة
والملل, وآخرين يرون أن العمل ليس علاجا للقلق والكآبة والملل لسبب بسيط هو
أن الإنسان القلق والمكتئب والملول,, لايستطيع الواحد منهم أن يعمل وهو في
هذه الحالة النفسية السيئة, بل لايستطيع حتى مجرد القراءة..
وهناك قصة طريفة تبين أن العمل لايعالج القلق ولا الكآبة ولايأتي براحتة
البال وإنما العكس هو الصحيح.. حيث يروي الدكتور يوسف إدريس قصة ظريفة من
المأثور الشعبي المصري وتقول القصة:
مر رجل حكيم بنجار من أهل حارته.. والنجار يعمل في دور من عمارة بدقة
وإتقان ويرفع عقيرته بالغناء بصوت مسموع.. فرفع الرجل الحكيم رأسة إليه
وقال مستفهما؟؟ : هي صنعة أو راحة بال؟!
فقال النجار مفتخرا: بل صنعة ...فأنا نجار قد الدنيا!
فابتسم الرجل الحكيم ومضى,, ثم خطرت له فكرة فعرج على السوق واشترى لحما
وخضارا وفاكهة واستدعى طفلا وكلفه أن يوصلها إلى بيت النجار وأن يقول
لزوجته: هذه بعثها زوجك ويريدك أن تطبخيها اليوم..
وحين عاد النجار من عمله جائعا وجد أمامه مائدة حافلة من اللحوم والخضار
وبجانبها فاكهه منوعه وطازجة فقال لزوجته بإستنكار: من أحضر هذه؟؟
فقالت: أنت بعثتها لي!
فأنكر وشاجرها وأخذ يفكر هل هي زوجة خائنة فأصابه القلق والهم,,
وفي الغد مر به الرجل الحكيم فإذا به في نفس الدور من العمارة ولكنه كاسف
البال لايغني ولا يعمل فأخذ يراقبه فإذا به كلما حاول دق مسمار إما أن يضرب
إصبعه أو أن يدقه في غير موضعه فابتسم الرجل الحكيم وقال له:
هي صنعة ولا راحة بال؟؟!
فالتفت عليه النجار ثم قال له: أغرب عن وجهي!
فضحك الرجل الحكيم وذكر له أنه هو الذي بعث بالخضار واللحم والفاكهة صباح
أمس ليمتحنه فلما علم النجار أنها لعبة تيقن من براءة زوجته فارتاح باله
وعاد إلى عمله بإتقان وبدأ يرفع صوته بالغناء"
فلاشك أن القلق وأي شعور حاد يمنع أن نبتهج أو أن نتقن عملنا,, ومع هذا فإن
العمل يعتبر أفضل وسيلة للخروج من القلق والكآبة والملل والوساوس لأن
الإنسان حين ينشغل بعمله أو يستغرق في هوايته لا يبقى عنده فراغ ذهني
لوساوس الأوهام والمخاوف والقلق والكآبه والملل..
يقول فولتير المفكر: العمل ينجينا من ثلاثة شرور : الضجر والرذيلة والحاجة..
ويقول الشيخ محمد الغزالي رحمة الله :" ليس في استطاعتنا ان نتحمس لعمل
مثير ونحس بالقلق في الوقت نفسه فإن واحدا من هذين الإحساسين يطرد الآخر"