amani alshoaibi مشرفـة عـامـة
الكــلــيــة : كليه الهندسه والعماره القسم ( التخصص ) : عماره السنة الدراسية (المستوى الدراسي) : ....... الجنس : عدد الرسائل : 10090 العمر : 34 الدوله : اليمن العمل/الترفيه : طالبه جامعيه المزاج : اعيش لاجلك نقاط : 11874 تاريخ التسجيل : 17/04/2010 : :قائمة الأوسمة : :
بطاقة الشخصية التقييم: 10
| موضوع: أهمية الحفاظ العمرانى ووسائل تحقيقه الخميس مارس 03, 2011 8:27 pm | |
| أهمية الحفاظ العمرانى ووسائل تحقيقه
بقلم بلقاسم زايري مهندس معماري
يعرف التاريخ بأنه ذاكرة الشعوب ,ومن ثم دأب المؤرخون على تدوين الأحداث التاريخية وتوثيقها بما يحفظ للأمم ذاكرتها وتاريخها. وهناك أشكال عديدة ومتنوعة لتسجيل وتوثيق الأحداث التاريخية والتى تطورت بتطور البشرية,مثل الكتابة والتصوير الفوتوغرافى والفيلم الوثائقى والتدوين الرقمى والإلكترونى وغيرها. ولكن ماهى الوسيلة التى كانت تشهد على الأحداث التاريخية قبل ظهور هذه الوسائل, يقول "فيكتور هيغو" الأديب الفرنسى الشهير فى كتابه المعروف "نوتردام" أن العمارة كانت هى الشاهد على الأحداث التاريخية قبل ظهور الكتابة." (انتهى كلامه) ,فوجود الآثار الرومانية مثلا فى مكان ما دليل على وصول الرومان وحضارتهم إلى تلك الديار ودليل على توسع الإمبراطورية الرومانية فى مختلف الأسقاع , كذلك الأمر للقلاع والحصون , فتمركز هذه الأخيرة فى منطقة معينة يستشف منه أنها كانت منطقة صراعات وحروب ونزاع, إضافة إلى الكتابات والمنحوتات والرسومات الحائطية وغيرها, كذلك الأمر للتوزيع الفراغى للفضاءات ,و التى يستشف منها طريقة حياة السابقين وممارستهم لحياتهم اليومية. ومن هذا المنطلق دأبت الأمم على على الحفاظ على التراث العمرانى والمعمارى الذى يعتبر جزءا لا يتجزأ من تاريخها وثقافتها ووسيلة من وسائل ارتباطها بأسلافها.
لذا كان لزاما وضع استراتيجيات تضمن الحفاظ على التراث العمرانى والمعمارى , سواء من حيث توعية الجمهور بالأهمية البالغة لهذا الأمر,أو من حيث ترميم المبانى القائمة واتخاذ البعض منها كمتاحف ومواقع سياحية ,أو من خلال المحافظة على المبدأ العام والأسس المتبعة من الأسلاف ومحاولة تطبيقها قدر الإمكان خصوصا إذا كانت من الثوابت فى تقاليد وثقافة المجتمع مثل خصوصية الأحياء والمبانى السكنية فى المدينة الإسلامية,والتى يجب المحافظة عليها وعدم الإخلال بها, فهذا الأمر بالغ الأهمية فى تنظيم وتخطيط المدينة الإسلامية وإن اختلفت أساليب التطبيق بالنظر للتطور الذى عرفته البشرية فى مختلف الميادين . حتى أن بعض الأحداث التى عرفتها البشرية والطريقة التى اتبعها المعنيون بها تظهر أهمية الحفاظ العمرانى, فمن الأقوال المتداولة حول الحرب العالمية الثانية أن الفرنسيين فضلوا عدم مقاومة الألمان حين أصبحوا على مشارف باريس حتى لا يدمر هؤلاء مدينة باريس وحتى تحافظ هذه الأخيرة على عراقتها والأحياء العتيقة فيها ,على أن يتم تنظيم المقاومة ضد الألمان بالتنسيق مع الحلفاء.
العالم أصبح قرية صغيرة وأصبح من الصعب بمكان أن تحافظ على هويتك الثقافية والدينية وما سواها,وأصبح الناس يتأثر بعضهم ببعض بصورة غيرمسبوقة ,فمن الحكمة أن توضع استراتيجيات تكون لها قوة فى التطبيق وفاعلية تجعل الإلتزام بها أمرا ممكنا ,والمقصود هنا المنظومة التشريعية والقانونية ,حيث تقوم الدوائر المختصة بإصدار لوائح وتشريعات تحدد طريقة التعامل مع الأحياء العتيقة والتراثية والتاريخية سواء من حيث المخطط العام مثل الإستعمالات والنشاطات وحركة المرور وعدد الطوابق وغيرها أو من حيث الجانب التفصيلى والمتعلق بتصميم الوحدات الوظيفية وشكلها الخارجى والمواد المستخدمة فيها بل وحتى الألوان المختارة.
غير أننا قد نواجه بعض المشاكل فى هذا الميدان والمضمار, حيث أن الجانب التشريعى قد لا يكون ملزما فى العديد من الأحيان ,ومدى تطبيقه والإلتزام به قد يتوقف على مدى استجابة الفرد له ودرجة اقتناعه به, ومن ثم نعتبر أنه من الأهمية بمكان إقناع الفرد فى المجتمع بمدى أهمية النص التشريعى الذى يهدف إلى الحفاظ العمرانى والذى يحفظ للمجتمع هويته وثقافته وتراثه ,ويكون بالنتيجة أن يقبل الفرد على الإلتزام بالنص التشريعى عن طواعية وطيب خاطر.
ومما لا شك فيه أن أكثر النصوص التشريعية التى يقبل عليها الفرد ويتلقاها بالقبول بل يتفانى فى تطبيقها هى ما كان مرتبطا بدينه وعقيدته ,وقد قمت ببحث فى هذا المضمار وأفردت له بابا خاصا فى كتابى "العمران والبناء فى القرآن وكلام خاتم الأنبياء" وهو باب يتعلق بالنصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والتى جاءت على شكل تشريع فى ميدان العمران والبناء والتى تتناول المدينة فى مخططها العام مرورا بالأحياء السكنية وصولا للوحدة السكنية ومعالجاتها الداخلية والخارجية. هذه النصوص التى تحدثنا عنها تعتبر آلية مهمة فى الحفاظ العمرانى وتؤدى إلى الحفاظ على المبدا العام والأساسى لتخطيط المدينة الإسلامية مع ترك هامش للمناورة لأهل الإختصاص من مخططين عمرانيين وحضريين لعمل المعالجات والمتطلبات الناتجة عن تطور البشرية وظهور احتياجات جديدة ضمن المدينة لم تكن موجودة قبل.
ونحن إذ نتكلم عن الجانب التشريعى للحفاظ العمرانى فلا بد من الإشارة أن هذا الأمر معمول به فى العديد من الدول والبلدان وكذلك المنظمات ,والتى وضعت ضوابط ونصوص قانونية سواء من خلال الحفاظ على الأحياء العتيقة وعدم السماح بأية تغييرات فى ملامحها, أو عن طريق إلزام أصحاب المشاريع بالمحافظة على الطابع المعمارى وعلى مواد البناء والألوان السائدة بالأحياء العتيقة وذلك فيما يخص المبانى التى تحتاج إلى صيانة أو إعادة بناء , ومنظمة الثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة والمعروفة باليونسكو تقوم فى بعض الأحيان بتحديد بعض المواقع فى العديد من البلدان وتصنفها على أنها تراث عالمى وبالتالى تجب المحافظة عليها و لا يجوز المساس بها.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال, ماذا لو تم إهمال الحفاظ العمرانى وأغفل العمل به وفسح المجال أمام المصممين وأصحاب المشاريع وفتح الباب على مصراعيه أمامهم ليفعلوا ما يشاؤون تحت طائلة الحرية والإبداع مثلا وأصبح هؤلاء يتسابقون لإظهار ما جادت به قريحتهم سواء إن كانت أشكالا معمارية أواستعمالات لا تمت لثقافة المجتمع بصلة , ونصبح لا نفرق بين المدينة العربية والإسلامية من جهة والمدن الغربية من جهة أخرى ويضيع عندئذ التنوع المعمارى المشوق , تماما كما هو الحال للباس والمظهر الخارجى الذى أصبح موحدا ولا تكاد تفرق من خلاله بين الثقافات , فاليابانى والأسيوى والعربى والغربى صار لباسهم متشابه, ولولا المتعارف من أن اليابانى والصينى يميل إلى الصفرة وقصر القامة وأن العربى يميل إلى السمرة والغربى يميل إلى البياض والشقرة لما استطعت أن تفرق بين انتماءات هؤلاء الثقافية والدينية. حتى أن الجانب السياحى سيتأثر بصفة بالغة , فالرتابة التى ستتولد عن عدم وجود خصوصية معمارية للمدن سيجعل الكثير من السياح يعزفون عن السياحة فهم لا يجدون حافزا يدفعهم للقيام بهذا الأمر, فالذى يعشق الثقافات لا يتاح له هذا الأمر إذ أن المبانى التى تنشأ تخضع لتصور المصمم والمدن التى تبنى تراعى الإحتياجات التى تتطلبها الحياة العصرية والتى تكاد تكون متطابقة بين مختلف مدن العالم ,وما العولمة عنا ببعيد.
| |
|