amani alshoaibi مشرفـة عـامـة
الكــلــيــة : كليه الهندسه والعماره القسم ( التخصص ) : عماره السنة الدراسية (المستوى الدراسي) : ....... الجنس : عدد الرسائل : 10090 العمر : 34 الدوله : اليمن العمل/الترفيه : طالبه جامعيه المزاج : اعيش لاجلك نقاط : 11874 تاريخ التسجيل : 17/04/2010 : :قائمة الأوسمة : :
بطاقة الشخصية التقييم: 10
| موضوع: موجز تاريخ العمارة القديمه في العراق الجمعة مارس 04, 2011 1:06 am | |
| بدأ عصر الزراعة في بلاد الرافدين, وهو أول عهد للإنسانبتعلم الزراعة, بحدود سنة 9000 قبل الميلاد وتطور حوالي سنة 5500 ق.م. في قرية (جرمو) في شمالي العراق في أواسط العصر الحجري الحديث. ومن البديهي أن تكون الزراعةعصرئذ محدودة وعلى نطاق ضيق جدا.
فجر الحضارةفي العراق
بدأ فجرالحضارة في العراق بحدود سنة 5000 قبل الميلاد وانتهى بالحقبة الزمنية التي ابتدعفيها الإنسان العراقي الكتابة لأول مرة في تاريخ الإنسانية في الربع الأخير منالألف الرابع قبل الميلاد. وإن نشوء الحضارة الناضجة في بلاد الرافدين قد ساربخطوات ثابتة وعلى مراحل وبأطوار متعاقبة. عرفت تلك الأطوار في العراق للمختصينالمحدثين بأسماء المدن والقرى والمواقع التي ظهرت فيها لأول مرة, ومدن الطور الأقدمهي: (حسونة) ثم (سامراء) و (حلف) و (العبيد) و (الوركاء) و أخيرا (جمدةنصر).
لقد شهد العراق خلال هذه الأطوار اتساع الزراعة و بداية الحياةالحضرية و نشوء أولى المدن. وعرف بناة الحضارة أيضا فن التعدين وابتدعوا دولابالخزاف وصنعوا الآجر المفخور والعربة ذات العجلة وكذلك المحراث فضلا عن السفنالشراعية. وعرف في أوائل تلك الأطوار أيضا فن النحت, وظهرت كذلك المباني العامةكالمعابد حيث كثرت وازدادت أهميتها منذ طور (العبيد). وعرف طور الوركاء (3500 ق.م.) بالعهد الشبيه بالكتابي, ومن المعروف أن الكتابة قد أرسيت قواعدها تماما خلال الطورالذي أعقبه وهو (جمدة نصر) في حدود سنة 3000 ق.م.
أولاً: عصر فجرالسلالات
ثم بدأ عصر فجر السلالات في العراق في حوالي سنة 2800 ق .م. واستمرلمدة ستة قرون والذي يعرف أيضا بالعصر السومري القديم أو بعصر دويلات المدن حيث لمتتوحد البلاد بعد تحت مملكة كبيرة واحدة. ويقسم العلماء هذه الحقبة الزمنية منتاريخ العراق إلى ثلاثة عصور هي على التوالي:
فجر السلالات الأول ( 2800 –2700 ق.م.) فجر السلالات الثاني (2700 02600 ق.م.) فجر السلالات الثالث (2600 – 2400 ق.م.)
من الأمور المتفق عليها بين غالبية العلماء المختصين فيالعصر الحاضر أن السومريين هم سكان العراق الأصليون، وأنهم الذين كانوا يعرفونبأصحاب حضارة العبيد في وسط وجنوب العراق وكانت أراضيهم تمتد جنوبا إلى جزيرة دلمون (البحرين) في العصر الحاضر قبل أن ترتفع مناسيب الخليج العربي ليصل إلى حدودهالحالية.
ولغة السومريين, وهم أصحاب أقدم حضارة أصيلة متطوّرة في العالم, من اللغات التي تعرف بالملتصقةAgglutinative. من خصائص الإلصاق فيها أنه كثيرا مايدمج مفردتينن لتصبحا كلمة واحدة يستند معناها إلى معاني الكلمات الداخلة فيتركيبها, مثل (لوكال) أي الملك المكونة من (لو) أي الرجل و (كال) أي العظيم, و (إي-كال) تعني القصر أو الهيكل مكونة من كلمة (إي) وهي البيت و(كال) العظيم. ثم أنالجمل فيها تتألف أيضا بطريقة إلصاق الضمائر والأدوات إلى جذر الفعل بحيث يصيرالجميع كلمة واحدة.
لقد قسم علماء الآثار عصر فجر السلالات إلى ثلاثة أطوار: الأول ( 2800 –2700 ق.م.) والثاني (2700 02600 ق.م.) والثالث (2600 – 2400 ق.م.). إن لكل من هذه الأطوار الثلاثة خصائصها المميزة. ومع ذلك يمكن القول عمومابأن فن العمارة قد قطع شوط بعيدا في هذا العصر وبخاصة في بناء القصور والمعابدفظهرت العقود لأول مرة في البناء وكذلك القبوات كوسيلة في التسقيف. وتقدم فنالتعدين وسبك المعادن, وقطع فن النحت شأوا بعيدا من التقدم.
لقد نضجتالكتابة وانتشر استعمالها في العصر السومري فدونت بها في عصر فجر السلالات السجلاتالرسمية وأعمال الملوك والأمراء وعلاقتهم بغيرهم من الحكام. وكذلك شؤون الناسالعامة كالمعاملات التجارية والأحوال الشخصية والمراسلات والآداب والأساطير فضلا عنالشؤون الدينية والعبادات.
ثانياً: الحكم الأكدي
انتهى عهد فجرالسلالات بقيام سرجون الأكدي (2371-2316 ق.م.) بتوحيد العراق في مملكة واحدة. كانسرجون من الأكديين وهم فرع من الأقوام التي نزحت من الوطن الأم شبه جزيرة العرب إلىالعراق ربما في أوائل الألف الثالث قبل الميلاد أو قبل ذلك بقليل. وليس من المستبعدأن الأكديين قد عاشوا جنبا إلى جنب مع السومريين منذ أقدم العصور وعرف القسم الأوسطوالجنوبي من العراق منذ ذلك الزمن باسم بلاد (سومر وأكد). ” خلال فترة حكمهالتي دامت خمسة وخمسين عاما أدخل مؤسس الأسرة الأكدية الملك سرجون الكثير منالإصلاحات على نظام الحكم والجيش، وتطور في عهده فن العمارة ” حكم مؤسسالسلالة الأكدية سرجون خمسة وخمسين عاما أدخل خلالها الكثير من الإصلاحات على نظامالحكم والجيش بما في ذلك تطوير أساليب الحرب والسلاح. وكذلك حصل تقدم عظيم فيالعمارة والفنون بعامة التي تميزت في العصر الأكدي بالقوة والحيوية والحركة. ويعد (نرام - سين) أقوى ملوك السلالة لأاكدية الذي حكم زهاء أربعين عاما.
عّمالاضطراب في المملكة أواخر العهد الأكدي, فقد حكم بعد نرام - سين ملوك ضعاف مما شجعالأقوام الجبلية وهم الكوتيون, الذين عرفوا في النصوص المسمارية القديمة بأعداءالآلهة, على غزو بلاد (سومر وأكد). إن حكمهم الذي دام حوالي مائة سنة كان عهدامظلما كادت أن تنقطع فيه عنا أخبار العراق القديم. وقد عوض عن ذلك ازدهار الحضارةفي جنوبي العراق وبخاصة في مدينة (لكش) وما يجاورها. وقد اشتهر من بين الأمراءالسومريين في أواخر هذا العهد أمير أو ملك اسمه (جودية) الذي عرف بتماثيله الكثيرةالتي وصلتنا والذي عمل على إحياء الآداب السومرية وتشييد العديد من المعابدالفخمة.
ثالثاً: الحكم السومري
ثارت على الكوتيين مدينة (الوركاء) بقيادة أميرها السومري (أوتو –حيكال) الذي لقّب نفسه بملك (سومر وأكد) وأهاب بأهلالبلاد لحرب الطغاة الأجانب, فالتّفت حوله المدن وتمكن من القضاء على جموع الكوتيينالكبيرة وخلص البلادمنهم.
مدينة أور
انتقل الحكم السومري بعد ذلكإلى مدينة (أور) وتكونت فيها سلالة عرفت بسلالة (أور الثالثة) أسسها الملك (أور- نمو) الذي تعد أيامه من عهود العراق المجيدة وآخر عهد في حياة السومريين السياسية (2113-2006ق.م.). لقد استطاع ملوك هذه السلالة الخمسة أن يعيدوا إنشاء إمبراطوريةواسعة على غرار لإامبراطورية الأكدية شملت جزءا كبيرا من أقاليم الشرق الأدنى. وانتشرت مع التجارة والفتوح حضارة العراق القديم تماما كما كان عليه الحال في العصرالأكدي. لقد اشتهر ملوك هذه السلالة بأعمالهم العمرانية الفذّة وامتازت دولتهمبالتنظيم وحسن الإدارة في الداخل والخارج وأصبحت العاصمة (أور) في زمنهم قبلة الشرقالقديم ليس من النواحي العمرانية والفنية والاقتصادية فحسب بل إنهم سنّوا الشرائعبحسب العرف الاجتماعي و وحّدوا الشؤون القضائية في البلاد.
رابعاً: العصرالبابلي القديم
وفي أوائل الألف الثاني قبل الميلاد قامت في العراق أسرةحاكمة جديدة عرفت بسلالة بابل الأولى (1894 – 1595ق.م.) اشتهرت بملكها السادسحمورابي (1728 – 1686ق.م.) الذي جمعت في شخصه خصالا فذة جعلت منه القائد والسياسيوالمصلح والمشرع فاستطاع بهذه الخصال أن يوحّد البلاد. ثم وقعت حرب ضروس بينه وبينالدخلاء العيلاميين أظهر خلالها حمورابي من حسن التدبير والحزم ما مكّنه من تمزيقجموعهم شر ممزق. ومدّ فتوحه بعد ذلك إلى شمالي بلاد الرافدين وإلى جهات الهلالالخصيب الأخرى. ومن أعماله المهمة سنّ شريعة واحدة تسري أحكامها في جميع أنحاءالمملكة عرفت بقانون حمورابي التي تعد من أولى الشرائع المتكاملة في العالم حيثتجمع بين القانونين المدني والعقوبات فضلا عن الأحوال الشخصية.
إن أهم ماتمّيز به العصر البابلي القديم اتساع المدن وكثرتها, كما حدث تطوّر مهم في العلوموالمعارف البشرية حيث انتقلت من أطوارها العملية إلى طور التدوين والبحث بحيث يصحأن نعد بداية ظهور العلوم البشرية الحقة كانت في هذا العصر. ليس هذا فحسب بل إنالحضارة من بلاد الرافدين قد أخذت طريقها في العصر البابلي القديم إلى جميع أنحاءالمشرق وإلى أطراف العالم القصية.
خامساً: العصر البابليالوسيط
ولقد غزت العراق في أواخر العصر البابلي القديم أقوام جاءت من الشرقأو من الشمال الشرقي عرفوا بالكشيين. أسسوا سلالة حاكمة جديدة دام حكمها زهاء خمسةقرون. وقد عرف هذا العهد بالعصر البابلي الوسيط الذي يعد من العصور المظلمة فيالعراق. لم يخلف لنا الكشيون وثائق أو سجلات تاريخية بلغتهم الأصلية وإنما استعملوالغة بلاد بابل. ويبدو أنهم قد تخلّوا عن ديانتهم التي كانوا عليها ليعتنقوا الديانةالبابلية. وقد أسسوا في منتصف عهدهم عاصمة جديدة قرب بغداد الحالية عرفت باسم (دور- كوريكالزو) أي مدينة الملك الكشي كوريكالزو.
الأشوريون ” أقامالآشوريون مملكتهم في شمالي العراق، ونازعوا الكشيين زعامة البلادالسياسية ”
وصادف قيام السلالة الكشّية نمو المملكة الآشورية في القسمالشمالي من العراق. فبدؤوا ينازعون الكشيين زعامة البلاد السياسية. والآشوريون فرعمن الأقوام الجزرية التي هاجرت في الأصل من شبه جزيرة العرب. وهناك نظرية أخرىمفادها أنهم جاؤا من جنوب العراق من أرض بابل وحلّوا في شمالي بلاد الرافدين في زمنلعله في العهد الأكدي ومما يدعم ذلك أنهم يتكلمون بلهجة من اللهجات البابلية. ويرىغالبية المختصين أن اسمهم مشتق من اسم معبودهم الإله (آشور). يمكن وضع تاريخالآشوريين في ثلاثة عهود: القديم والوسيط والحديث.
العهد الآشوريالقديم
وتدخل فيه حقب طويلة لاسيما إذا أدمجنا فيه عصور ما قبل التاريخ. لقدبدأ الآشوريون في هذا العهد ببناء مملكة قوية موحدة مستقلة, ظهر منهم ملوك أقوياءمثل (إيلو – شوما) الذي عاصر مؤسس سلالة بابل الأولى وكذلك شمشي أدد الأول (1814 – 1782 ق.م.) الذي بلغت المملكة في زمنه من القوة ما مكّنها من فرض سلطانها على القسمالشمالي من بلاد بابل.
ودأب الآشوريون على تنمية كيانهم السياسي, تعرضوافيه إلى سلسلة من الامتحانات والمصاعب بسبب ضغط الدول والأقوام التي كانت تجاورهم, خرجوا من كل ذلك أشداء أقوياء إذ خلقت منهم قوة عسكرية رهيبة فرضت سلطانها على شعوبالعالم القديم لعدة قرون تلت. ويعد شلمنصر الأول (1266 – 1243ق.م.) من أعظم ملوكهذا العهد سيما في حقل التوسع والفتوح الخارجية بعد أن توطدت شؤون المملكة الداخليةفي عهده.
ولقد تدهورت الأوضاع الآشورية في أواسط القرن الثامن قبل الميلادانتهت بثورة قامت بها مدينة (كالح) الآشورية على الملك (أشور – نراري) الخامس, فقتلوتولى زمام الأمور تيجلاتبليزر الثالث (745-727ق.م.) الذي بدأ عهدا جديدا في تاريخالآشوريين تكونت فيه آخر وأعظم إمبراطورية آشورية حيث صارت فيه مجددا سيدة الشرقالقديم, وكان من أعظم إنجازاتها توحيد بلاد بابل وآشور في مملكة واحدة.
الملك سرجون الثاني
يعد الملك سرجون الثاني (727 – 705 ق.م.) واحدامن أعظم ملوك هذه الحقبة ليس فقط بسبب إنجازاته الفنية والمعمارية العظيمة والتيكان منها تشييد عاصمة جديدة قرب نينوى أطلق عليها اسم (دور شروكين) أي مدينة سرجونوالتي تعرف خرائبها بـ (خرساباد) في الوقت الحاضر. كما عرف بفتوحاته الخارجيةالعظيمة منها القضاء على المملكة اليهودية الشمالية (السامرة) بسنة 721 قبل الميلادوترحيل الكثير من سكانها إلى أماكن أخرى داخل حدود الإمبراطورية الآشورية. وكذلكقضاؤه على التحالف بين الفراعنة والدويلات الصغيرة في فلسطين وسوريا, وكان المصريونقد أرسلوا جيشا قويا لمساعدة قوات التحالف. فتصادم الجيشان قرب مدينة رفح تمخّضت عناندحار قوات التحالف وفرار القائد الفرعوني.
آشوربانيبال
آشوربانيبال (668-626ق.م.) فيعدّ من أكثر ملوك هذا العهد ثقافة فقد أغرم بالأدب والمعرفة فجمعالكتب من أنحاء البلاد وخزنها في دار كتب وطنية خاصة شيّدها في عاصمته نينوى جمعفيها مختلف أصناف العلوم والمعارف التي بلغتها حضارة العراق والتي عّرفتنا بنواحيالحضارة العراقية القديمة المختلفة.
سادساً: العهد البابليالحديث
مدينة بابل
آخر العهود العراقية الزاهرة في العصور القديمة (626-539ق.م.). ويعد حكم نبوخذنصر الثاني (604-562ق.م.) بحق من العهود المجيدة فيالتاريخ البشري عموما وفترة انتعاش قوية عاشتها الحضارة البابلية, فلم تسجلالكتابات التي خلفها هذا الملك إلا أخبار البناء والتعمير في جميع مدن العراقالمهمة. من أعماله العمرانية الرئيسة كان بناء الزقورة وتشييد عدد كبير من المعابدالفخمة في بابل. وكان من جملة إنجازاته في هذا الميدان أيضا إقامة شارع رائع عرفبشارع الموكب ومدخل مهيب ضخم يدعى بباب عشتار, يقع وراء هذا الباب قصره الفخمبجنائنه المعلّقة الذي عرف في المصادر اليونانية بإحدى عجائب الدنياالسبع.
وفي زمنه أعلنت دولة (يهودا) الصغيرة العصيان مع عدد من الدويلاتالشامية الصغيرة الأخرى بتحريض من الفراعنة التي لم تكترث لنصائح النبي (ارميا) وتحذير ملكها (يوهوياقين) بوخامة العاقبة. فجرد نبوختنصر حملة تأديبية لم تقو (يهودا) على مقاومتها فسقطت العاصمة (أورشليم) في عام 596 ق.م. فرحّل قسم من سكانهاومعهم ملكهم عن فلسطين. ونصّب نبختنصر بدلا عنه عمه (صدقيا). وبعد بضع سنوات اشتركت (يهودا) في عصيان جديد وبتحريض من الفراعنة أيضا الذين حاولوا استرجاع مكانتهم فيسوريا وفلسطين. لقد كان غضب الملك البابلي في هذه المرة عظيما فدمّر المدينة وأحرقالهيكل ورحّل من سكانها عددا كبيرا جدا إلى العراق واضعا بذلك حدا لمملكة يهودا. لقد وقع ذلك الحدث بسنة 594 ق.م.
خلف هذا الملك العظيم عدد من الملوكالضعاف وبخاصة آخرهم نبونائيد (555-539 ق.م.) فتدهورت الأوضاع في البلاد خلالعهودهم وانتهت تلك الإمبراطورية العظيمة بسقوط بابل على يد (كورش) ملك الإخمينيينبسنة 539 ق.م. وليعفى على حضارة العراق وتطمر علومه وأمجاده لقرون طويلة تلت. سابعاً: إنجازات العراق القديمة
السواقي وعودة للتاريخ
إذاانتقلنا إلى نشوء أولى الحضارات في العراق القديم يمكن القول إنها كانت بجهودالعراقيين الأوائل في تفاعلهم مع البيئة الطبيعية في وسط وجنوبي العراق. فمنالمعروف أن الزراعة تعتمد في هذا الإقليم دوما على الإرواء الصناعي الذي كان لا يتمإلا بالسيطرة على الأنهار وإقامة السدود وتجفيف الأهوار. إن الري -كما هو معروف- كان الدعامة الأساس في الحياة الاقتصادية لهذا الإقليم وعلى ذلك فقد تجلّت عبقريةالإنسان هنا بأجلى مظاهرها في الإرواء الصناعي وإن نشوء أول حضارة في بلاد الرافدينقد تحقق بلا أدنى ريب بعد أن سيطر سكان هذا الإقليم على الأنهار فيها وذلك عن طريقإقامة السدود وحفر الأنهار والجداول وتجفيف الأهوار, فذللوا البيئة الطبيعيةواستغلوا إمكاناتها العظمى. ليس هذا فقط بل استغل العراقيون الأقدمون ارتفاع مناسيبنهر الفرات قياسا إلى دجلة فشقوا أنهارا عظيمة من الفرات إلى دجلة لتروي أراضيواسعة كانت بأحوج ما تكون إلى الماء. لقد طغت أخبار شق الأنهار والجداول على غيرهامن أخبار الملوك وأعمالهم. إن حفر أو شق نهر جديد كان يعد بحد ذاته حدثا هاما يؤرخبه الكتبة الرسميون للدولة الأحداث الجسام.
نتيجة لكل هذا نلاحظ أن أول شيءيلفت النظر في العراق شهرة البلاد الزراعية إلى الأزمان المتأخرة, حتى أن الكتاباليونان -مثل هيرودوتس- قد تحدثوا عن وفرة المحاصيل الزراعية في هذا الإقليم, وهوما يذكرنا بتسمية المؤرخين والبلدانيين العرب لأرض العراق بـ (السواد) لكثرة زرعهاوخضرتها. ومن الأمور المتفق عليها إن فن زراعة البساتين نشأ في العراق مما ساعدالإنسان كثيرا على الاستقرار ومن ثمّ نشوء الحضارات المتقدمةوتطوّرها.
والنخلة -على ما يرجح- كانت أقدم وأهم شجرة في تاريخ العراقالزراعي القديم حيث اختص العراق بزراعة النخيل منذ فجر التاريخ. وكانت العادة أنتزرع الفراغات بين النخليل بالأشجار المثمرة الأخرى مثل التين والرمان والتفاحوالكروم وغير ذلك. ومايزال يعد أعظم وأوسع مركز لزراعة النخيل في العالم لاسيماالمنطقتين الوسطى والجنوبية منه.
وفي سبيل تحقيق الاستقرار والأمن فيالبلاد, وللحفاظ على هذه المنجزات والمكاسب العظيمة كان من الضروري وجود حكوماتقوية مستقرة. وكان الملك في العراق القديم على رأس السلطة حيث عدت سلطته التنفيذيةوالتشريعية مستمدة بشكل مباشر من الآلهة لحكم البلاد, فهو الذي كان يتولى قيادةالجيش وقت الحرب حيث أن من أولى واجباته المحافظة على حدود الوطن, وكذلك توفيرالوسائل الكفيلة التي تساعد البلاد على الرخاء الاقتصادي عن طريق تنفيذ المشاريعالحيوية العامة مثل حفر القنوات والأنهار وبناء المعابد تقرّبا إلى الآلهة. لقدخلّف الكثير من الملوك العراقيين القدماء مآثر كتابية أكدوا فيها ما ذكرناه حتى أنبعضهم قد صوّر نفسه وهو يحمل سلال التراب والآجر رمز قيامه بتنفيذ المشاريعالعمرانية الكبرى وبخاصة بناء المعابد تقربا للآلهة. والكثير منهم قنّنوا الشرائعوالقوانين في سبيل تنظيم الحياة العامة ونشر العدل بين الرعية. ” تعتبرالشرائع المدونة في العراق هي الأقدم في تاريخ العالم ويلاحظ أنها دونت بأسلوب علميوبلغة قانونية دقيقة ” ومن الأمور المعروفة للجميع أن أولى الشرائع المدّونةفي العالم قد ظهرت في العراق القديم, وهناك من الإشارات ما يدل بشكل قاطع على ظهورالقوانين المدونة في عصور فجر السلالات. إن الشرائع في العراق القديم لم تكن أولىالجهود البشرية في تنظيم الحياة الاجتماعية فحسب بل إنها دوّنت بأسلوب علمي وبلغةقانونية دقيقة. إنها قوانين بهيئة مواد متسلسلة مقتصرة على الشؤون المدنية لا تتعرضللعبادات في شيء.
وكان من تمسّك سكان العراق الأقدمين باحترام القانونوالنظام أن تصوروا الكون كله على هيئة مملكة تحكمها الآلهة يتجلى فيها مبدأ الطاعةوبخاصة طاعة القوانين والسير بموجب أنظمة المجتمع وأعرافه الشفهية والمدونة. وبلغمن تقديرهم لفضيلة الطاعة أنهم تخيّلوا ظهور عهد ذهبي بين البشر في يوم ما تسود فيهالطاعة والنظام وسيادة القانون.
ومن ثمرات الحضارة الناضجة نشوء الصناعاتالأولى وكذلك التجارة وبخاصة التجارة الخارجية لجلب المواد الخام التي اعتمدت عليهاتلك الصناعات. ومن البديهي أن يصاحب كل ذلك تقدم العلوم والآداب والفلسفة.
وفي العراق القديم بدأت أولى المحاولات الفلسفية الجريئة الخاصة بأصل الكونوالوجود والأساس في مكونات المادة. ومن المؤكد أن السومريين قد سبقوا الفلاسفةالإغريق بقولهم بمبدأ العناصر الأربعة الأولية التي عدت أصل جميعالأشياء.
ومن البديهي أن يولي العراقيون القدماء أيضا الأدب الكثير مناهتمامهم. لقد كان شأنه شأن الآداب العالمية القديمة الأخرى يشرك الآلهة في الملاحموالقصص أو الأساطير. أما الشعر السومري والبابلي فقد كان يخضع لفن خاص من النظموالتأليف فهو موزون ولكنه غير مقفى. إنه من النوع المعروف في الوقت الحاضر بالشعرالمرسل. وما خلفه لنا العراقيون القدماء من الروائع الأدبية أكثر من أن تحصى, ربماأهمها (ملحمة جلجامش) و (قصة الخليقة) و (قصة الطوفان) وعدد كبير جدا من الأساطير.
وفي باب العلوم الصرفة كالرياضياتمثلا عرف البابليون أسسا مهمة في خواص الأعداد وكذلك في العمليات والطرق والمعادلاتالجبرية الأساسية. من ذلك مثلا معادلات الدرجة الأولى بأنواعها المختلفة فضلا عنمعادلات الدرجة الثانية والثالثة. لقد اتبعوا في طرق حلها عمليات مدهشة لا تكادتصدق لتطابقها مع الطرق العلمية الحديثة. ومما يقال اليوم بوجه عام إن الفضل فيتقدم الجبر الحديث يعود إلى البابليين والعرب أكثر مما يعود إلىاليونان.
ومن الأمور المتفق عليها أيضا في تاريخ المعارف البشرية أنالبابليين هم الذين أسسوا علم الفلك الرياضي، وبدؤوا يدونون ملاحظاتهم وإرصاداتهمأو حساباتهم الفلكية منذ العهد الأكدي، وتقدم هذا العلم إلى درجة كبيرة مذهلة فيالعهد البابلي القديم. أما معرفتهم بالعلوم الطبيعية مثل علم الكيمياء, على سبيلالمثال وبخاصة ما يتعلق منها بخواص المواد وتأثير الحرارة فيها أو العوامل الطبيعيةالأخرى فقد بدأت عندهم في وقت مبكر جدا والتي لا سبيل في هذا الملخص من الدخول فيتفاصيلها الدقيقة
| |
|