لاسكــابيـليـاتــا أو رأس أنثــى
للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي
رسم دافنشي هذه اللوحة بعد عشرين عاما من إتمامه "العشاء الأخير".
وفيها نرى مثالا آخر للكيفية التي كان ليوناردو ينظر بها إلى جمال الأنثى.
وهو هنا يحاول إبراز جمال الروح والنفس والتقاط الحالة الداخلية؛ الإنسانية والروحية التي تميّز الشخصية.
المرأة في اللوحة غير معروفة، لكن هناك من النقّاد من يرجّح أن تكون إحدى "المادونات" الكثيرة التي رسمها دافنشي في أكثر من لوحة.
ومما يجذب الانتباه في تفاصيل هذا العمل إجادة الرسّام تمثيل شعر المرأة
الذي يبدو غير مرتّب، والنظرة المفكّرة والمتأمّلة التي تعمّقها وضعية
الرأس المحني إلى أسفل.
ثم هناك تقاطيع الوجه التي تشي بنوع من الجمال النبيل المفعم بقدر غير قليل من البساطة والرّقة.
هذا البورتريه لا يختلف كثيرا عن بقيّة أعمال دافنشي التي رسم فيها نساءً.
فالملامح الفيزيائية تكاد تكون واحدة تقريبا وهي سمة تختصر مفهوم الفنان الخاص عن الجمال الأنثوي خلال عصر النهضة الايطالي.
فالأنف دقيق وحادّ والشفاه رقيقة والجبين عريض وناتئ قليلا، بالإضافة طبعا إلى المسحة التأمّلية الهادئة والبسمة الخفيفة والغامضة.
في العديد من بورتريهات ليوناردو نلمس حضورا قويا للنساء، وقد كانت له
فلسفته الخاصّة عن المرأة إذ كان يرى أنها كائن عاقل وأنها من الناحية
البيولوجية والفكرية مكافئة للرجل.
وكانت أفكاره تلك تشكّل تحدّيا لأعراف المجتمع الأبوي آنذاك الذي لم يكن يعترف بأيّ دور للنساء في السياسة أو المجتمع.
"لاسكابيلياتا" دافنشي كانت وما تزال تثير اهتمام الكثير من النقاد ومؤرخي الفن.
وبعضهم يرجّح أن يكون دافنشي رسمها كي يعكس من خلالها تأمّلاته حول تجاربه عندما كان شابا.
كما أن الطابع التأمّلي العميق في اللوحة دفع نقّادا آخرين للقول إنها أكثر أعمال الفنان تسامياً ونبلا.
بل إن البعض يذهب إلى القول إنها أكثر سموّاً حتى من الموناليزا.
وقد رسمها ليوناردو بطريقة احترافية بارعة تؤهلها لان تعمّر طويلا متحدّية كلّ عوامل النسيان والتقادم.
الجدير بالذكر أن هذه اللوحة اكتسبت شعبية جماهيرية إضافية عام 1998 عندما
وظّفت في الفيلم السينمائي المشهور Ever After الذي تظهر فيه بطلة الفيلم
درو باريمور في بورتريه تتّخذ فيه شكل ووضعية المرأة في بورتريه دافنشي.
حقـل قمـح و أشجـار سـرو
للفنان الهولنـدي فنسنـت فـان غـوخ
رسم فان غوخ هذه اللوحة بعد حوالي شهر من وصوله إلى المصحّة النفسية في آرل.
وخلال فترة مكوثه في المستشفى، كان الأطبّاء يسمحون له بالذهاب إلى الحقول
المجاورة ليمارس هوايته في الرّسم كلما خفّت نوبات الصرع التي كانت تنتابه
من حين لآخر.
ومن بين أشهر لوحاته التي أنجزها آنذاك هذه اللوحة التي تشير إلى مدى تأثّر
فان غوخ بالأسلوب الياباني في الرسم، وخاصّة طريقة تمثيل الخطوط واستخدام
الألوان.
في اللوحة نرى حقلا للقمح يقوم في وسطه وعلى أطرافه عدد من أشجار السرو.
وبالإضافة إلى الأشجار، تبدو بعض التلال والجبال والأعشاب تحت سماء غائمة.
ولعلّ أهم ما يميّز هذه اللوحة عمق منظورها وسماكة نسيجها وإيقاع الأشكال
فيها، بالإضافة إلى صفاء ألوانها التي تصوّر حيوية الربيع وبهاءه.
كان فان غوخ يراقب الأشجار من نافذة غرفته في المستشفى، وفي إحدى رسائله
لأخيه ثيو يقول: لطالما أثارت هذه الأشجار تفكيري. وأجد من الصعوبة بمكان
أن أتجنّب رسم هذا الحزن وهذه العزلة النهائية. إن هذه اللوحة ستخبرك عما
عجزت أنا عن التعبير عنه بالكلمات وهو ما اعتبره مصدر الإلهام والسعادة في
حياة الريف".
إن الناظر إلى هذه اللوحة لا بدّ وان يتخيّل أن كلّ شيء فيها يتحرّك. إذ
بفعل ضربات الفرشاة الملتفّة كالدوّامة، تبدو الأشجار مضطربة والعشب كما لو
أنه يتطاير مع الريح، ما يبعث شعورا غامضا بالتوتّر والخطر المحدق.
ارتبطت أشجار السرو منذ القدم بالموت وأحيانا بالخلود. وفي بعض الحضارات الشرقية القديمة كانت ترمز للكمال والجلال والحكمة.
فان غوخ كان هو أيضا مفتونا بالنظر إلى أشجار السرو متأمّلا أشكالها وألوانها وطريقة تموضعها في الطبيعة المفتوحة.
أثناء وجوده في المستشفى، كان فان غوخ منكبّا على التأمّل في حال الأدباء
والشعراء والفنّانين الذين نجحوا في فهم واستكناه المشاعر والحالات
الإنسانية العميقة وجسّدوا ذلك في أعمالهم.
وكان هو نفسه يتمنى أن يعكس في لوحاته جانبا من تلك المشاعر وأن يكون لأعماله نفس التأثير الانفعالي والعاطفي.
وفي سنواته الأخيرة أصبح ميّالا لرسم مشاهد نهارية وبات من النادر رؤية مناظر الفجر والغسق التي كانت تميّز لوحاته الأولى.
في العام 1993 بيعت هذه اللوحة بمبلغ 57 مليون دولار أمريكي. وقد أعارها
المليونير الأمريكي الذي اشتراها إلى متحف الميتروبوليتان حيث ظلّت فيه إلى
اليوم.
بعد حوالي سنة من رسمه هذه اللوحة، أي في السابع والعشرين من يوليو 1890،
أقدم فان غوخ على الانتحار بإطلاق رصاصة على صدره في أحد هذه الحقول التي
ألهمته رسم أعظم لوحاته وأكثرها شعبية وذلك خلال فترة السنتين اللتين
قضاهما في آرل.
وبعد وفاته سرعان ما بدأت لوحاته تجتذب اهتمام النقاد الذين اكتشفوا أصالة
وعمق موهبته ورؤيته الفنية، ليحتلّ في ما بعد مكانته كأحد أشهر الرسّامين
الطليعيين في تاريخ الفن الحديث.
وصـيفــات الـشّـــرف
للفنان الإسباني دييـغـو فـيلاســكيــز
تعتبر هذه اللوحة واحدة من أعظم الأعمال التشكيلية في تاريخ الفنّ الغربيّ
كلّه، كما أنها إحدى اكثر اللوحات إثارةً للغموض والنقاش والجدل.
وبعض النقّاد لا يتردّد في وضعها في منزلة متقدّمة حتى على الموناليزا أو الجيوكندا.
ومنذُ أن رسم دييغو فيلاسكيز اللوحة قبل ثلاثة قرون ونصف وهي تتبوّأ موقع
الصّدارة في كافة القوائم المخصّصة لافضل الأعمال التشكيلية في العالم.
فيلاسكيز نفسه يعتبر أهمّ رسّام إسباني على الاطلاق وأحد أعظم الرسّامين في
التاريخ، بل إن مانيه وبيكاسو مثلا يعدّانه الأعظم. وقد كتب بيكاسو عدّة
دراسات عن هذه اللوحة ورسم سلسلة من اللوحات التي تعطي "وصيفات الشرف"
تفسيرات متباينة.
ُعرف عن فيلاسكيز مهارته الفائقة في مزج الألوان وتعامله المبهر مع قيم الضوء والكتلة والفراغ.
وقد رسم هذه اللوحة في قصر الكازار في مدريد عام 1656 حيث كان يعمل رسّاماً أوّل في بلاط الملك فيليب السادس ورئيساً لتشريفات القصر.
واللوحة تصوّر "انفانتا مارغاريتا" كبرى بنات الملك وهي محاطة بوصيفاتها وكلبها.
لكن فيلاسكيز عمد إلى رسم نفسه ايضا في اللوحة، وهو يظهر هنا منهمكاً في
الرّسم ومرتدياً ملابس محاربي القرون الوسطى. بيد أن اللوحة التي يفترض أن
الفنّان يرسمها مخفية تماماً عن الأنظار.
ووسط الجدار الخلفي ثمّة مرآة تعكس صورة الملك والملكة.
والى يمين اللوحة في الخلفية بدا الحاجب كما لو انه يهمّ باستقبال زوّار ما.
الوصيفتان تظهران في وضع انحناء دليلاً على احترامهما وتقديرهما للأميرة الصغيرة التي ترتدي تنّورة واسعة ومزركشة.
ومع ذلك فإن الأميرة ووصيفاتها يبدين كالدّمى أو كالتماثيل الشمعية مقارنةً
بالحضور الطاغي والقويّ الذي يفرضه الفنان نفسه على المشهد بأكمله.
ولد دييغو فيلاسكيز "أو فيلاثكيث كما ينطق اسمه بالاسبانية" في اشبيليه عام
1599 وعاش سنوات حياته المبكّرة في أوج عصر النهضة في أوربا. في تلك
الفترة بالذات كان سيرفانتيس وشكسبير يعكفان على كتابة أعمالهما الإنسانية
العظيمة.
على المستوى الشخصي، ُعرف عن فيلاسكيز تواضعه الجمّ وتعاطفه الكبير مع فئة الفقراء والمهمّشين.
وقد اعتنق منذ بواكير شبابه الأفكار الديمقراطية والإنسانية وتعزّزت تلك
الأفكار لديه اكثر عندما دخل دائرة المجتمع الأرستقراطي الذي عرف بتهتّكه
وانغماسه في الملذات.
وكان فيلاسكيز يقارن حياة الترف والتخلّع تلك بالمعاناة الشديدة التي كان يكابدها العامّة من أفراد الشعب.
ويبدو أنّ أحد الاسباب المهمّة في شهرة هذه اللوحة يعود إلى غموضها الذي ما
يزال يتحدّى إلى اليوم أكثر النقّاد قدرةً على قراءة الأعمال الفنية
وتفسيرها.
ترى هل كان فيلاسكيز يبغي من وراء رسم هذه اللوحة جعل الناظر أهمّ من
اللوحة وشخوصها، أم أراد أن يقول إن الشخوص ليسوا اكثر من أفراد افتراضيين
ولا يوجدون سوى في عقولنا؟
ثمّ ما الذي كان يرسمه الفنّان على وجه التحديد؟
هل كان يرسم نفسه أم الملك والملكة المنعكسة صورتهما في المرآة المعلّقة على الحائط؟
ولماذا رسم الأميرة والوصيفات في محترفه وبين لوحاته الأخرى ولم يرسمهنّ في
إحدى قاعات أو أروقة القصر الفخمة على غرار ما كان يفعل الفنّانون في ذلك
الزمان؟
وهل أراد فيلاسكيز أن يشير ضمناً إلى حضور ذهني وسيكولوجي للأفراد مقابل حضورهم الفيزيائي أو الجسدي؟
كلّ تلك الأسئلة وغيرها ما تزال ُتثار إلى اليوم حول طبيعة ومضمون هذا الأثر الفنّي العظيم الموجود حالياً في متحف ديل برادو بمدريد.
يتيمة في المقابر
للفنان الفرنسي يوجين ديلاكروا
يوجين ديلاكروا واحدا من أهم الفنانين الفرنسيين وأكثرهم تأثيرا.
وهو مصنف في الغالب ضمن فناني المدرسة الرومانتيكية. ويقول بعض النقاد إن
طريقة استخدام ديلاكروا للون كان لها تأثير كبير على الرسامين الانطباعيين
وعلى رموز الفن الحديث وعلى رأسهم بيكاسو.
ولد الفنان ديلاكروا في العام 1798 في فرنسا، وعلى امتداد مسيرته الفنية انتج اكثر من 850 عملا فنيا.
أول أعماله كان لوحته المسماة "دانتي وفرجيل في الجحيم" التي عرضها في صالون باريس عام 1822.
لوحات ديلاكروا تتدفق بالمشاعر الفياضة والألوان المتألقة في حيوية صاخبة.
وقد اشتهر بتصوير النمور المتحفزة والمعارك الضارية والأساطير المتوارثة،
ويعتبر من بين الفنانين الأوربيين القلائل الذين اهتموا برسم مظاهر الحياة
في الشرق، من قبيل لوحتيه الشهيرتين نساء الجزائر و عرب يتقاتلون في
الجبال.
لكن ديلاكروا كان يهتم أيضا بتصوير المشاعر والمواقف الإنسانية العميقة،
ولوحته يتيمة في المقابر تمثل اشهر أعماله وأكثرها احتفاء، واللوحة تصور
فتاة وحيدة تجلس وسط القبور، وقد تحجرت الدموع في مآقيها، وارتسمت في
عينيها نظرة مشحونة تحمل ما لا تستطيع الكلمات التعبير عنه من وحدة موحشة
ويأس وضياع وتساؤل واتهام لتلك السماء التي تصوّب نحوها نظراتها الخرساء..
الموناليزا
-- يبقى سر الابتسامة الغامضة والمحيرة للموناليزا التي رسمها الفنان
الإيطالي ليوناردو دافينشي رمزا للأنوثة، ومع ذلك هناك عدد من الأسئلة
المحيرة: هل الموناليزا من اختراع دافينشي؟ أم هل هي سيدة من شوارع فلورنسا
أصبحت ملهمته في القرن الخامس عشرة؟
وقد اختلف المؤرخون لقرون عديدة حول هوية الموناليزا، وبرزت عدة نظريات،
منها من يقول إنها والدته، أو رسم شخصي له أو حتى أنها قد تكون من
المدينة.
أو أن الموناليزا شخص عاصر فعلا الفنان، وأنها زوجة تاجر حرير ثري.
فقد عثر الباحث الإيطالي جوزيبي بالانتي، الذي أمضى 25 عاما يبحث في أرشيف
المدينة، على وثائق تسجيل لعقارات وزواج تمت في تسعينات القرن الخامس عشرة،
تثبت أن الموناليزا كانت شخص حقيقي، وأن عائلة ليوناردو دافينشي كانت على
صلة وطيدة بزوجها فرانسيسكو ديل جيوكوندو، تاجر حرير ثري.
ليوناردو دافنتشى رسمها ما بين عامي 1503 و1506 صهرت عبقريته وشخصيته الفذة
مع السحر الذي حمله عصر النهضة بضوء حثيث يقشع ظلامية العصور الوسطى
بألوانها الشفافة في مزيج رائع يمثل روح الفن بذاته". وتضيف إن الصورة
مرسومة بالزيت على لوحة خشبية ترتفع 77 سنتيمترا وعرضها 33 سنتيمترا وتصور
سيدة يحيط بهويتها الغموض وبين ثنايا بسمة خفية أراد الفنان أن يبوح برسالة
وصور ليوناردو ببراعته المرهفة وجه "الجوكوندا" مواجها بينما يلتفت جذعها
قليلا في وضع استندت بذراعها على مسند المقعد بينما ارتخت يدها اليمنى برقة
على يدها الأخرى وقد جردها، على عكس ما كان متبعا في هذا العصر، من كل
أشكال الحلي والمجوهرات التي كانت النساء يكثرن من ارتدائها فيما أحاط
شعرها المنسدل بوشاح شفاف يتدلى فوق جبهتها بالكاد.
ويتسم وجه "موناليزا" بغموض وسحر كثر الجدل حياله على مر السنين في مختلف
المحافل، ويعتقد أنه يتأتى من ضوء داخلي حيث لا يلحظ شد في أي من عضلات
الوجه المسترخية في دعة نادرة ويسقط هذا الضوء على وجهها وصدرها وذراعيها
ويديها من أعلى على يمينها ليبقى الجزء الأسفل من اللوحة في الظل.
الموناليزا كأشهر تحفة فنية في العالم، لا تعود إلى ابتسامتها الغامضة ولا
إلى التأويلات الغريبة التي نسبها إليها بعض مؤرخي الفني والمتحذلقين ممن
يؤمنون بنظرية المؤامرة.
والأمر ببساطة هو أن الموناليزا كانت مشهورة لأن ليناردو دافنشي أعلن على
الملأ أنها كانت أفضل إنجازاته. كما يحمل اللوحة معه أينما سافر ومهما كانت
وجهته وإذا سئل عن السبب أجاب أنه صعب عليه أن يبتعد عن أسمى عمل عبّر فيه
عن الجمال الأنثوي.
وبالرغم من ذلك فقد شك كثيرون من مؤرخي الفن بأن حب دافنشي للموناليزا كان
مرده براعته الفنية الفائقة في رسمها. لأن الحقيقة هي أن اللوحة لم تكن
أكثر من صورة عادية جدا رسمت بأسلوب سفوماتو الضبابي.
وقد ادعى كثير من الباحثين أن تبجيل دافنشي لعمله هذا كان لسبب أكثر عمقا
ألا وهو الرسالة الخفية التي تكمن في طبقات الألوان. فقد كانت الموناليزا
في الواقع واحدة من أكثر الدعابات الخفية في العالم. وقد تم الكشف عن
تركيبة المعاني المزدوجة والتلميحات الهازلة الموثقة والواضحة في اللوحة،
في معظم كتب تاريخ الفن. وبالرغم من ذلك كانت الغالبية العظمى من الناس
لازالت تنظر إلى ابتسامة الموناليزا على أنها سر عظيم وغامض.
لوحة فينسنت فان كوخ" ليلة مرصعة بالنجوم" أكثر
أعمال كوخ شهرة وقد ألهمت كثيرا من القصص الأدبية والنصوص الشعرية والأعمال
الموسيقية وأغنية دون ماكلين الشهيرة فانسيت او استيرى نايت كانت من وحى
تلك اللوحة الشهيرة.
رسم فينسنت اللوحة عندما كان في" سانت رمى" في الوقت الذي كان سلوكه فيه
عصبي جدا بسبب شدة المرض العقلي الذي عانى منه.وقد ظهر ذلك الاضطراب في
ألوان اللوحة وطريقة الرسم.
بالمقارنة مع أغلب أعمال فان كوخ الفنية ، ليلة مضيئة بالنجوم رسمت من
الذاكرة وليست كلوحاته الأخرى التي رسمت من وحى الطبيعة. وبالرغم أن ليلة
فان كوخ المضيئة بالنجوم ليس فقط عمله الأكثر شهرة، لكنها اللوحة التي نالت
كثيرا من التفسيرات والقراءات على مرّ السنين، العديد من المدارس النقدية
الفنية حاولت تخمين المعنى المتضمن في تلك اللوحة وأهميته وقد رجح النقاد
اللوحة مستوحاة من قصة يوسف في سفر التكوين من العهد القديم
تمـريــن فـي الرقــص
للفنان الفرنسي إدغــار ديغـــا
لم يرتبط اسم فنّان تشكيلي بصور الرقص والراقصات مثلما ارتبط اسم ادغار ديغا. وقد كرّس اكثر من نصف أعماله لرسم راقصات الباليه.
وبلغ من شغف ادغار ديغا بتصوير حركات الرقص انه كان يحضر إلى دار اوبرا
باريس بانتظام ويراقب دروس وتمارين الرقص وحركات الراقصات على المسرح وخلف
الكواليس.
كما كان يشكّل الصلصال والشّمع وينشئ نماذج من الطين في محاولة لفهم حركات الراقصات.
"تمرين في الرقص" هي إحدى افضل وأشهر لوحات ديغا وفيها يصوّر مجموعة من الراقصات وهنّ يؤدّين بروفة في الرقص.
بالإضافة إلى حيوية وتناغم الألوان في اللوحة، ثمّة تركيز خاص على إبراز أشكال الرّؤوس والأذرع من خلال استخدام الخطوط القاتمة.
وفي هذا العمل، كما في جميع أعماله الأخرى، لا يبدو ادغار ديغا مهتمّا
بتصوير التعابير على وجوه راقصاته أو إبراز جمالهن، بل كان حريصا على تصوير
سحر الباليه فحسب.
ولد ديغا في باريس عام 1834 واظهر ميلا مبكّرا لقراءة الكتب كما كان معجبا برسومات انغـر.
وفي إحدى المراحل ذهب إلى إيطاليا وأقام في روما ثلاث سنوات اطلع خلالها
على لوحات عصر النهضة. وعاد إلى باريس عام 1861 ليرسم لوحات تاريخية
وبورتريهات لأصدقائه.
في بداياته، كان ادغار ديغا ينفر من الانطباعيين ومع ذلك فضّل أن يتحالف معهم احتجاجا على تقاليد الفنّ الأكاديمي الصارم.
كان من عادة ديغا ألا يرسم في عين المكان، بل كان يدوّن ملاحظاته ومشاهداته على الورق ومن ثم يرسم اعتمادا على ذاكرة بصرية قويّة.
ابتداءً من العام 1870 كان ديغا قد بدأ يعاني من ضعف بصره. وبعد ذلك بعشر
سنوات كان قد فقد البصر نهائيا تقريبا. وفي أخريات حياته كان يجوب شوارع
باريس على غير هدى وعانى من الفقر والتشرّد إلى أن توفّي في شهر سبتمبر من
عام 1917 م.