كان للطبيعة المصرية الواضحة المعالم، الأثر الأول في تكوين العقيدة
المصرية القديمة، وقد كان إعجاب الفنان المصري بالطبيعة وحبه لها، سواء
أكان بالنسبة للنباتات البرية أو التي يزرعها، وللحيوانات والطير وكل ما
تزخر به البيئة المصرية من مظاهر الحياة، مما دفعه إلى أن يتأملها وأن يعيش
معها عيشة المحب المتذوق لها، وقد كان من أثر ذلك أن ألهمته هذه الطبيعة
كل أعماله الفنية.
أثبت الفنان المصري القديم جدارته في التعبير عما يحيط به من مظاهر الحياة
وموضوعاتها الكثيرة، التي عاش فيها وتأثر بها وأثر فيها، ويبدو ذلك واضحاً
مما سجله نحو هذه الموضوعات واللوحات على الصخور وعلى السطوح والأواني
واللوحات التذكارية.. الخ، التي استلهم منها وحداته الزخرفية كزهرة اللوتس
ونبات البردي وأوراق النبات وسوقها وعناقيد العنب وقرص الشمس المجنح.
وتمتد جذور التاريخ المصري إلى قبل حكم الأسرة الفرعونية الأولى، ولذلك لم
يتفق المؤرخون على تحديد زمن تاريخي قاطع للاسرات مع أن المدنية المصرية
تبدأ قبل حوالي 12500ق.م، كانت في أول أمرها فجة ثم ادخل عليها رقة نهضت
بأشكالها وأنماطها الزخرفية، ثم ازدادت حسناً ورواء.
لعب المعتقدات دورهاً هاماً في حياة مصر الأولى، وبرزت في الفن رموز لها
منذ الصدر الأول من التاريخ، واعتمد الفنانون على ما ورد في النصوص التي
وضعها الكهنة عن هذه المعتقدات بتجسيدها صوراً وتماثيل كما حددت أنماط
الأبنية وتخطيط أجزائها ووظيفة كل منها.. ويمتاز الفن المصري هذا بمستوى
تقني رفيع، وهو يوحي بالهدوء والاتزان والتسامي.
وفي عهد الأسرات الأولى إلى السادسة، فيما بين 3200 و 2420ق.م وابرز ما
تشييد الأهرامات العظيمة وزخرفتها بالرسوم الإخبارية والدينية وتشييد
المساطب والمنحوتة في باطن الأرض، ثم تلاها الدولة الوسطى التي تبدأ
بالأسرة السابعة إلى الثالثة عشر إلى نحو 1700ق.م في فترتها الأولى ثم في
فترتها الثانية التي تبدأ بالأسرة الرابعة عشر وتنتهي بالأسرة السابعة عشر
إلى نحو عام 1555ق.م، وتتجسم سيمات الفن في هذا العصر في المعبد العظيم
بالكرنك.