[size=29]سيبقى البعد الروحي هو أقوى وأبقى وأٍرقى الأبعاد في حياتنا ولن يكتمل إدراكنا للعالم الذي نعيش فيه,
ولن نتعلم من تداول الأيام وأحداث الحياة من دونه, ذلك أننا بالأصل
مخلوقات روحية نخوض تجربة جسدية لا العكس, كما أن الروح أبدية لا تفنى, وهي
فن من إعجاز وآية من روعة, ونموذج من تحدي,وسرّ من أسرار القدرة الإلهية
وإذا رمت بالفعل متعة حقيقية في الحياة وبركة في المحصول واختلافا في
النتائج فاجعل تركيزك دائما على هذا البعد,فأي شيء تريد فعله أو هدف تصوب
عليه أربطه أولا بالبعد الروحي, سل نفسك ماذا يفيدني هذا في علاقتي بربي؟
ماذا يفيد رفاهيتي الروحية؟ هل سيسمو هذا بروحي؟ ركز على العائد الروحي
أولا.
وتغذية الروح بالنوايا الحسنة والصلاة والدعاء والنظر في ٍلكوت السموات
والأرض والتأمل في ٳعماك النفس البشرية والرحمة والمحبة والعفو على الخلق
้التحلي بالأخلاق الحميدة والتطهر من أحقاد والضغائن, هو ما يبعث يقظة
روحية ويوسع آفاق الوعي ومساحة الإدراك
لا يتطلب الأمر منك –عزيزي القارئ- أن تكون مثل الجنيد أو بشر الحافي أو
إبراهيم بن أدهم أو الفضيل بن عياض أو غيرهم.....حتى تتمتع بيقظة روحية, بل
يكفيك أن تكون لك غاية نبيلة تعيش من أجلها وأن يكون لوجودك معنى ومغزى
وأن تتمسك بمبادئ راسخة وأن تخبت وتطمئن نفسيا وأن تتمتع بحيوية ونشاط على
طريق تحقيق ما سطرت من أهداف, فغالبا هذه هي الصفات المشتركة بينهم جميعا,
وإذا دققت معي ستجد أن السرّ في الروابط التي تربطنا بالله تعالى, بالكون,
بالطبيعة, بالناس, بالمبادئ والقيم, هذه الروابط هي "البعد الروحي" الذي
يوجه حياتنا ويرشد وجهتنا وينمي طاقاتنا في كل مستوى من مسويات الحياة.
معادلة "إحراز اليقظة الروحية":-لتحقيق اليقظة الروحية تلزمنا هذه المعادلة:-
لمّ الشعث النفسي+ قانون الحضور+ توسيع دائرة الوعي+ مشاعر الامتنان= اليقظة الروحية. |
أ)
-لمّ شعثك النفسي:- و هو يحصل عندما تتوافق أقوالك وأفعالك وقيمك,
وتنسجم سيرتك مع سريرتك وتتناغم خططك مع طموحاتك,و هو شيء يعرف في موروثنا
الديني ب"الصدق" وهي حالة السلام الداخلي. ويتحقق حينما تتأكد من أنك
تمتلك روحا يقظة وهي فعلا كذلك, وتكف عن محاولة إيقاظها, فمحاولة الإيقاظ
هي ما يصيبك بالشتات ويوقعك في شراك المخاوف و الأحزان....الخ.
ب)-
طبّق قانون الحضور:- وهو يعني أن تعيش في الزمان والمكان
الراهنين وتنغمس في التجربة وتتواصل معها دون انقطاع أو تشويش,فإذا كنت في
صلاة مثلا فكن في حيز محرابك وفي لحظة خشوعك واستشعر هيبة وجلال الموقف
وقدسية وروحانية المكان, وإذا كنت في العمل فكن مكان الجد والإخلاص وفي زمن
الإتقان والإبداع, وكذلك الأمر إذا كنت تراقب شروق شمس أو غروبها, أو
تجالس أهلك, أو على مائدة طعام أو علم وهكذا فحيثما كنت فكن هناك مستغرقا
في المتعة ممارسا للمحبة منهمكا بالتجربة ومستلهما منها.
ج)- زد في نسبة الوعي لديك:- و هو ما نطلق عليه في التخطيط اللغوي العصبي "زيادة مساحة الوعي" وحصول ذلك بأمور منها:-
1)- امنح نفسك أوقات للتنفيس والراحة والترويح, ستشعر بعدها أنك أقدر على
مواجهة تحديات الحياة بدلا من أن تتمنى لو أن الحياة تترفق بك. واقتطع
لنفسك وقتا للاسترخاء, فأمر كهذا قد يكون فائق الأهمية و قد يمنعك من
الاستسلام لعوائق النجاح.
2)- انظر إلى الأمور من موقع مختلف:- انظر إلى نفسك من خارج ذاتك وكأنك شخص
آخر يتمتع بحس فضولي تسعى لرسم صورة عنك(عاداتك,قيمك,
سلوكك,مهاراتك,إمكاناتك, معتقداتك, اهتماماتك, أنماط التفكير والتصرف) انظر
أيها
ما زالت صالحة وأيها أصبحت بالية, انظر أيها تعتز بنسبتها إليك, وأيها تأنف
من التصاقها بنعتك, أنظر أيها تساعدك على تحقيق التطور الروحي وأيها تعيق
ذلك...الخ.
وأعد ترتيب بيتك الداخلي وامض بثقة.
3)- لاحظ حالاتك:- عندما تكون في حالة "كسل أو إحباط أو نشاط أو تشعر بخفة
أو أكثر انفتاح" لاحظ أسباب كل حالة واستخدمها تغذية راجعة بيولوجية لكي
تساعدك لإنجاز حالة طمأنينة أو تيقظ وتعينك على الخروج من حالة اليأس
والإحباط وغيرها.
د)- مارس بعض الهوايات:- ممارسة بعض الفنون أو الانشغال بنوادر الأدب أو
غرس بعض النبتات والاهتمام بها أو مزاولة الصيد أو غيرها من الهويات, هي ما
ينمي وعيك بذاتك ويوسع مداركك ويجدد نشاطك ويعيد شحن بطاريتك.
ذ)- الشعور بالامتنان:- مما قد يساعد المرء على الاستمتاع بنعمة الشكر
والشعور بالامتنان أن يتذكر تجربة من تجارب الشعور الغامر بالسعادة "تجارب
الذروة" كولادة طفل أو نجاح في امتحان أو تلقي إطراء بالغ أو حفل تكريم أو
غير ذلك مما يجعل المرء يرتبط بأشياء سامية "حالة تيقظ روحي", "لحظة بصيرة
وإدراك", ثم يعيش التجربة من جديد بكل تفاصيلها ثم يوجه الشكر بكيانه كله
لله سبحانه ويشعر بمشاعر الامتنان والعرفان ويدرب نفسه على هذا الأمر حتى
يصبح مكون قوي من مكونات شخصيته.
[/size]