الحمار الملك ..؟!!

بمنتهي البرود واللامبالاة استقبلت الأسود والنمور مبايعة جميع حيوانات الغابة للحمار ملكاً للغابة ...
أسد وحيد كان
يتألم مما حدث انزوي في ركن بعيد بحيث لا يراه أحد وهو يبكي ...لم يشاركه
في هذا الحزن سوى نمر عريق من سلالة أصيلة تربطهم علاقة صداقة رائعة ..
فطريقة تفكيرهم واحدة وحبهم للغابة فوق كل اعتبار ... بينما كان النمر
يطيّب خاطر الأسد ويوضح له أنها فترة مؤقتة وسيذهب الحمار للجحيم، وتستعيد
الأسود ملكها المسلوب ....

سمعوا صوت جلبة كبيرة ناحية وسط الغابة .. فذهبوا ليستطلعوا الأمر ...
فوجدوا حيوانات
الغابة تقيم حفلاً غنائياً بمناسبة تولي الحمار الملك شئون الغابة ... وأخذ
الجميع يردد النشيد الوطني الجديد للغابة، والذي تم تجهيزه علي عجل ...
وأخذوا يغنون ويرددون ...

حموريتنا ... حموريتنا
نحمي رايتنا ...
حموريتنا أمانه ...
زي الروح جوانا
حموريتنا ..حموريتنا
أخذ الجميع يهتف بحياة الحمار...
فالذئب قد اعتلي ظهر الفيل ... واخذ يهتف بالروح بالدم نفديك يا حمار..!!
والغزال بجسده الرشيق الشهي، أخذ يرقص أمام جماهير الحيوانات ..
كان مهرجاناً بحق ... وكان النهيق هو سيد الموقف ..!
وكلما زاد الصوت والهتاف .. كلما زاد نحيب الأسد .. وشاركه النمر في بكائه ....
ولفت نظرهم عدم
مشاركة الأسود والنمور في المهرجان ... فظنوا أن لهم موقفاً ... ولكن كانت
المفاجئة القاسية لهم أثناء عودتهم من مشاهدة المهرجان، هو تجمع الأسود
والنمور أمام عيادة طبيب أسنان الغابة لخلع أنيابهم وأسنانهم، بناء علي
قرار وتعليمات الحمار الملك، والذي استفتح ولايته بهذا القرار ..؟؟!!

حاله من الذهول
أصابت الأسد وهو يري بني جلدته في حالة استسلام تام، أثناء نزع مصدر قوتهم،
بل وصل الأمر لما هو أبعد من ذلك، فقد خرج الأسود والنمور من عند طبيب
الأسنان علي كوافير الغابة لعمل (الميكاب اللازم) والمكياج المناسب، حتى
يظهروا بمظهر لائق وظريف ... لا يثير الرعب ولا يضايق الحمار الملك وضيوفه
... !!

أخذ الأسد يصرخ
بقوة من أعماقه ... ما هذا ...؟؟ ما هذا الحرص علي الحياة الذي أذل أعناق
الأسود والنمور .. وراح النمر هو الأخر في حالة من الاندهاش والذهول ...
وتوجّه للأسد قائلاً: ما كل هذا النفاق المذهل..؟؟ لماذا لم يكن موجود من
قبل ..؟؟ تصور يا صديقي الأسد ... لقد عملوا أغنية اسمها بحبك يا حمار
...؟؟ ما هذا التخلف ... علي أي شيء يحبون الحمار..؟؟!! علي خنوعه أم علي
ذله أم علي ضعفه أم علي غبائه ...!! لم نسمع يوما من قبل أغنية تمدح أو
تمجد أسداً أو نمراً أو حتى فيلاً ... فعندما يتم عمل أغنية تكون للحمار
..!

أطرق الأسد رأسه
ثم رفعها في شموخ وإباء وقال: عزيزي النمر ... أسود الغابة الشجعان الأحرار
الشرفاء لا ينطلي عليهم كلمات النفاق والمدح والطبل والزمر، فثقتهم في
أنفسهم كبيرة، ولا يوجد عندهم نقص يمكن أن يملأه هذا الكم المذهل من النفاق
الرخيص الحقير .. !!

مرت عدة أيام ...
وقام الأسد في الصباح وقال للنمر: ليس هروبنا وانعزالنا هو الحل ..هيا بنا
ننزل الغابة ونكون ايجابيين ونري ما يحدث فيها ...

اقترب الأسد والنمر من القصر الملكي الحميري، وراعهم مشهد مرعب مذهل، تمنّوا الموت علي أن يروه ...
فقد وجدوا الأسود
والنمور قد اصطفوا في طابور طويل أمام بوابة القصر، للحصول علي كيلو لحم
من جمعية الغابة الملحقة بالقصر، لسد رمقهم وجوعهم ... ووجدوا الأفيال وقد
وضعت إيشارباً فوق الزلومة وينادون.: بنحمًل طريق الغابة البلد ...إللي
عايز يركب بحزمة برسيم بس ..!!

نظر النمر للأسد وقال له: شفت الخيبة ..؟! الفيل بجلالة قدره، بقي عامل زي الميكروباص بتاع البني آدميين!
رد الأسد بسرعة
علي النمر قائلاً : هي جت علي الفيل انظر هناك .. الزرافة الشامخة الأبيّة
تجلس علي سلالم القصر تبيع مستلزمات الحمير من بردعات وحدوات ....!! وأنظر
هناك في شرفة القصر الثعلب يطعم الحمار بيده والقرود تدلعهم وتقول لهم:
"هَمّ يا حمار" ...!!! وبعد الأكل تقوم الصقور بالضرب علي ظهورها حتى تتجشأ
... وعندها تقول جميع الحيوانات الموجودة في صوت واحد: "صحه يا حمير" ..؟؟

الكل يخدّم علي
مصلحة الحمار الملك وأقرانه .. الغابة كلها تسير في خدمة ورعاية وحب وتمجيد
وتعظيم الحمار ... تغيرت أسماء كل شيء في الغابة .. حتى أشجار الكافور
العريقة تغير اسمها وأصبحت "أشجار الحمار" ... كل يوم تعليمات وقرارات
جديدة ... ممنوع جلوس أكثر من 4 اسود مع بعض ..؟؟ ممنوع الزئير بعد المغرب
... !!

وجاء القرار
الصدمة الذي لم يتوقع احد صدوره ... وكان متوقع أن يحدث زلزالاً في الغابة
... ويا للعجب ... فقد استقبل جميع الأسود والنمور القرار بمصمصة الشفايف
... فلقد تقرر منع تناول اللحوم نهائياً للأسود والنمور، واستبدالها
برضعتين لبن من أبقار غريبة علي الغابة، قام الحمار الملك باستقدامها من
غابات صديقة.

تصور الأسد الشهم أن يثور بعض الأسود ... فوجدهم يقولون إنها تعليمات، وإنهم "عبد الحمار" ...
وزادت شهية
الحمار في إصدار قرارات جديدة مع صمت الأسود المطبق .. وأصدر قراراً جديداً
بأن ينام جميع الأسود والنمور من المغرب بعد أن يغسلوا أرجلهم .... وحذر
القرار انه من سيضبط مستيقظاً بعد هذا الموعد سيوضع في حجرة الفئران
لتلتهمه قطعة قطعة ..!!!

النمر وصل هو
الأخر لحالة انهيار .. وقال: ما كل هذا الذل ..؟؟ لقد أصبحت الفئران
والسحالي والذئاب لهم الريادة في الغابة، وقام الحمار الملك بتعينهم مع
أقاربه من الحمير في أعلي المناصب في الغابة .. ماذا حدث؟ ... ولماذا حدث
..؟؟

نظر الأسد للنمر
وقال له: يا عزيزي سأقول لك بكل صراحة .... الحمار أصبح ملك عندما أصابتنا
الغفلة ... الكل ينظر لمصلحته ... وفقط ..الكل يخاف ... علي نفسه وفقط ...
الكل يعمل لنفسه وفقط ... نسينا الغابة الأم ... نسينا تقاليدنا العريقة
ومبادئنا، وجرينا وراء ملذاتنا وشهواتنا، و لم تهمنا مصلحة الغابة، فتكتل
الحمير واستولوا عليها، ونهبوها وسرقوها، وجوعونا وشردونا، وخلعوا أسناننا
وأنيابنا، وأرضعونا علي كبر ..!! ولا تتعجب فيمكن أن يخصونا حتى لا نتكاثر
وننقرض ...؟؟

مر أسبوع ... فوجد النمر أسداً آخر لم يعجبه الحال وقد أرسل له رسالة كتب فيها:
"صديقي النمر، سمعت أن الحمار سيتنازل للجحش عن الحكم!"
نظر النمر للأسد المناضل ... وقررا النضال والتضحية مع كل الأحرار
فهيا بنا نرى ماذا هم فاعلون
أم عسانا نشاركهم النضال
ليصح لنا الصحيح