منتدى شباب جامعة إب
نـثر مـرورك في الــدرب زهـراً وريحانـا . . . وفاح عبــق اســــمك بوجـودك الفتــانـــا

فإن نطقت بخيـر فهو لشخصك إحسانا . . . وإن نطقت بشر فهو على شخصك نكرانا

وإن بقيت بين إخوانك فنحـن لك أعوانـا . . . وإن غادرت فنحن لك ذاكرين فلا تنسـانــا


منتدى شباب جامعة إب
نـثر مـرورك في الــدرب زهـراً وريحانـا . . . وفاح عبــق اســــمك بوجـودك الفتــانـــا

فإن نطقت بخيـر فهو لشخصك إحسانا . . . وإن نطقت بشر فهو على شخصك نكرانا

وإن بقيت بين إخوانك فنحـن لك أعوانـا . . . وإن غادرت فنحن لك ذاكرين فلا تنسـانــا


منتدى شباب جامعة إب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةمركز رفع الصورأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
منتدى شباب جامعة إب منتدى ,علمي ,ثقافي ,ادبي ,ترفيهي, يضم جميع اقسام كليات الجامعة وكذا يوفر الكتب والمراجع والدراسات والابحاث التي يحتاجها الطالب في دراسته وابحاثه وكذا يفتح ابواب النقاش وتبادل المعلومات والمعارف بين الطلاب. كما اننا نولي ارائكم واقتراحاتكم اهتمامنا المتواصل . يمكنكم ارسال اقتراحاتكم الى ادارة المنتدى او كتابتها في قسم الاقتراحات والشكاوى

 

 ابن حزم الاندلسي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Arwa Alshoaibi
مشرفـة عـامـة
مشرفـة عـامـة
Arwa Alshoaibi


كيف تعرفت علينا : ............
الكــلــيــة : ........
القسم ( التخصص ) : .......
السنة الدراسية (المستوى الدراسي) : .......
الجنس : انثى
عدد الرسائل : 12959
العمر : 35
الدوله : بعيييييييييييييييييييييييييييييد
العمل/الترفيه : القراءه والاطلاع على كل جديد
المزاج : متقلب المزاج
نقاط : 18850
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
: :قائمة الأوسمة : :
ابن حزم الاندلسي Aonye_10
ابن حزم الاندلسي 1800010


بطاقة الشخصية
التقييم: 10

ابن حزم الاندلسي Empty
مُساهمةموضوع: ابن حزم الاندلسي   ابن حزم الاندلسي Icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 06, 2011 1:17 am

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ابن حزم الأندلسي


مولد ابن حزم ونسبـه :

هو علي بن أحمد بن حزم، جدّه (يزيد) من فارس، ولد في قرطبة سنة 384 هجرية،
ونشأ في بيت ثراء وغِنى، وكان يقول "إن أكثر مطالعاته كانت على منابر الذهب
والفضة".

كان شاعرا وأديبا يتميز بحاضرة تجعله يرتجل الشعر، وكثير من شعره يعبّر
عمّا كان يحيط به وما كان يعانيه من الناس، ويعبّر عن نظرته إلى الدنيا
وتقلباتها.

كان ابن حزم الأندلسي عالما، سبر الناس وخبرهم، عرف الناس وهو في أوج
الثراء في حياته الأولى في بيت أبيه، ثم عرفهم وزيرا، ثم زهد في الدنيا
وتركها لأصحابها، وعكف على التصنيف والعلم، وقد بلغت مصنفاته أربع مائة
مجلد في 80 ألف ورقة.

واجه ابن حزم حملات شديدة حتى إن مصنفاته قد أُحرقت ومُزّقت علانية، وذلك
لكراهية الفقهاء له ولكتبه، ورغم ذلك كان أشد إصرارا على بيان ما يعتقده من
آراء وأفكار.


شعر ابن حزم بين الاتجاه الذاتي والاتجاه الجدلي:

اشتهر ابن حزم فقيها متميزا ومجادلا قويا ومفكرا أصيلا.

كما اشتهر أديبا وشاعرا ومؤلفا غزير الإنتاج، وناقدا، وهو يعد من العلماء القلائل الذين جمعوا بين قوة الفكر ورقة الأدب والفن.

يتراوح شعر ابن حزم بين قصائد مطولة كتلك التي نظمها في الزهد والوعظ،
وبين قصائد قصيرة ومقطوعات أغلبها نظم تعبيرا عن شجونه العاطفية أو جدالا
لخصومه وشكوى من أهل زمانه.

كما خلف عدة رسائل، لعل أهمها في هذا الباب: رسالة التقريب لحد المنطق، ذكر
فيها وجهة نظره في قضايا بلاغية ورسالة التلخيص لوجوه التخليص ورد فيها
مفهومه في الشعر والغاية منه، ثم رسالته في مراتب العلوم .

هذا إضافة إلى مؤلفه طوق الحمامة الذي جمع بين الإبداع النثري والشعري في
الألفة والآلاف، بل هو أهم كتبه على الإطلاق في هذا الميدان، ميدان الإبداع
النثري. إضافة إلى ما يحتويه من جدة في الموضوع، ومن تحليلات نفسية
أخلاقية عميقة. لم يسبق إليها، ومن منهجية مبتكرة في العرض والتحليل.

ويمتاز أسلوبه النثري في هذا المؤلف الفريد بالجمع بين قوة التدفق، ودقة
الوصف والتحليل ومتانة السبك والبعد عن التكلف والصنعة، إذ كان يأخذ على
الكثير من معاصريه الصنعة التي كانوا يكتبون بها، أو ينظمون بها أشعارهم.

فما هو مفهوم الشعر عنده؟

لقد كان ابن حزم شاعرا وناقدا يتميز عن بقية الشعراء والنقاد في فهمه لوظيفة الشعر ويختلف عنهم في عدة قضايا منها:

1 - أنه فهم انطلق فيه من مبدأ ديني أخلاقي، فقبل بعض الأغراض الشعرية كأشعار الحكمة والزهد والوعظ والرثاء والاعتبار بالدنيا… الخ.

ورفض أخرى، كأشعار واللهو والخمريات والخلاعة ونهى عن ذكر الفواحش في
الغزل، ورفض الهجاء رفضا قاطعا لما فيه من تناول لأعراض الناس… كما رفض شعر
الصعلكة والحروب، لأنه يثير الفتن ويهوى الجنايات والشره إلى سفك الدماء
مستندا في رأيه هذا إلى المقياس الفقهي في قبول ما قبل، وفي رفض ما رفض،
كالاستحسان والإباحة والتحريم والنهي…الخ.

2 - كما أنه يخالف النقاد والشعراء في مفهوم المجاز والاستعارة، فهو ينكر
مغالاة الشعراء ومبالغاتهم فلكل شيء حد -حسب تعبيره- في طوق الحماية، فوصف
الشعراء لنحول المحبين، مثلا، وتشبيه الدموع بالأمطار التي تروي السفار،
وعدم النوم البتة، وانقطاع الغذاء جملة "…

يعتبر ذلك، كله -كذبا لا وجه له، لذلك فهو يكره الكذب حتى في الشعر،
فالأمور إذا خرجت عن حد المعقول، لا تصدق، ولا تجد لها التأثير المطلوب في
النفوس. لذلك فهو يقر مبدأ الصدق والكذب في الشعر، منطلقا فيه من نزعته
الأخلاقية، فقد أعلى من مبدأ الصدق حتى جعله على رأس الفضائل الإنسانية
كلها في كل مؤلفاته، خاصة في كتابه الأخلاق والسير في موازاة النفوس .

وتأسيسا على مبدأ الصدق دعا إلى الاقتصاد في استعمال المجازات والاستعارات
والتشبيهات، وكل ضروب الصنعة، فهو يجب التوسط والاعتدال في كل شيء، كما أنه
لا يساير القولة المشهورة "أعذب الشعر أكذبه".

ونتيجة لذلك فإنه سيصدر في كل ما نظمه من أشعار عن تجربة حقيقية معاشة،
ويستقي لغته من واقع التجربة وليس من الذاكرة، كما هي عادة معظم شعراء
العرب، ومن ثم اتسمت تجربته بالصدق في شعره ولغته بالحيوية والعفوية.

وهكذا سيكون شعر ابن حزم سجلا ومرآة لكل مراحل حياته، وتعبيرا فنيا حيا
وصادقا عن مشاعره وعواطفه اتجاه المرأة والطبيعة من جهة، ومن جهة أخرى
تعبيرا عن همومه الفكرية في صراعاته مع الحساد والمناوئين من أهل زمانه. ثم
وصفا صادقا لمعاناته الرحلة والاغتراب والحنين إلى الديار التي أصبحت
أطلالا…

وأخيرا سيتخذ الشعر تعبيرا عن تأملاته الفكرية في الحياة والموت، واستشرافه للعالم الآخر.

عبر هذه المحاور سنحاول استجلاء رؤية ابن حزم الشعرية، في بعدها الذاتي، وفي الموقف من الآخر.


أولا - الأشعار العاطفية:


لقد عبر ابن حزم عن مشاعره اتجاه المرأة كما لم يفعل فقيه من قبله ولا من
بعده، بصدق وصراحة، واعتبر عاطفة المحبة بين الرجل والمرأة نعمة من الله
تعالى .

فهو لم يكن فقيها جافي العواطف أو مرائيا يتنكر لما بث الله في قلبه من عواطف إنسانية نبيلة.

كما أنه لم يكن كبقية شعراء الغزل التقليديين الذين يستوحون لغتهم الغزلية
مما يحفظون من شعر وهم يرددون أوصافا لنساء لا وجود لهن في الواقع، جريا
على العادة والتقليد. بل إنه صدر -كما سلف الذكر- عن تجربة حية معيشة،
وتحدث عن نساء واقعيات من مجتمعه، وذكر بعضهن بأسمائهن الحقيقية.

وتتسم أشعاره في هذا الباب بالنزعة العذرية، إلى لا مجال فيها للعبث بصورة
المرأة أو قيمة العفة. ولذلك تجده يفرق بين الحب الحقيقي، وبين مجرد
الاستحسان الجسدي، وبذلك يرد على من يزعم كونه يحب اثنين في آن واحد قائلا:
كذب المدعي هوى اثنين حتما مثل ما في الأصول أكذب ماني

ليس في القلب موضع لحبيبيـ ى ولا أحدث الأمور بثاني

فكما العقل واحد ليس يدري خالقا غير واحد رحمان

فكذا القلب ليس يهوى غير فريد مباعد أو مدان

هو في شرعة المودة ذو شك بعيد من صحة الإيمان

وكذا الدين واحد مستقيم وكنوز من عنده دينان

فهو يعد التعدد في الهوى عدولا عن الوفاء، وهو يستنكر أن يحب الرجل شخصين
دفعة واحدة ويعد ذلك من قبيل الشهوات الجسدية ليس إلا، وهي من صفات الرجل
الملول الذي يتقلب في أهوائه ولا يستقر على عاطفة واحدة… وليس هذا من الحب
الحقيقي الذي هو أولا وقبل كل شيء تشاكل بين النفوس وتوحدها في خصائص
معينة… كما فصل ذلك في طوق الحمامة.

وهكذا يربط ابن حزم عاطفة المحبة التي تربط الرجل بالمرأة بالأخلاق، بل إنه
يربط الأخلاق في كل ما يصدر عن الإنسان من مشاعر وأفعال وأفكار… فالصدق
والعفة والوفاء قمة القمم في السلوك البشري، وقد لقي عنتا كبيرا من أهل
زمانه الذين لا موه على أشعاره العاطفية، وهو الفقيه المتدين، واستنكر
بعضهم منه تأليف طوق الحمامة في الحب.

فما كان منه إلا أن يرد عليهم، مجادلا، ومدحضا أقوالهم بالحجة من الكتاب
والسنة، ومن سيرة الخلفاء الراشدين… ويبين لهم أن القلوب بيد الله تعالى
وما يلزم الإنسان سوى معرفة الصواب من الخطأ في ذلك، فالمحبة فطرة وخلقة،
وإنما يملك الإنسان جوارحه المكتسبة . خصوصا وأنه وهب من رقة المشاعر وحب
الألفة شيئا كثيرا.


وصف الطبيعة:

ومن أجمل شعره، في وصف الطبيعة الأندلسية، ما نظمه بعد التنزه في بستان مع
بعض إخوانه، واصفا ذلك البستان وما يزخر به من جمال طبيعي، حيث قال:

ولما تروجنا بأكناف روضة مهدلة الأفنان في تربها النـدي

وقد ضحكت أنوارها وتضوعت أساورها في ظل فيء ممدد

وأبدت لنا الأطيار حسن صريفها فمن بين شاك شجره ومغرد

وللماء فيما بيننا متصرف وللعين مرتاد، هناك ولليــد

وفي هذا السياق تندرج أبياته التي نظمها، يصف الليل الذي امتد ظلامه، ووقف
النجم حائرا وسط السماء فلا هو يمضي ولا هو يغيب، كأنه ارتكب خطأ فهو خائف
وجل أو يترقب موعدا أو عاشقا دنفا:

أقول والليل قد أرخى أجلته وقد تأنى بألا ينقضي فوفـا

والنجم قد حار في أفق السماء فمـا يمضي ولا هو للتغوير منصرفا

تخاله مخطئا أو خائفا وجلا أو راقبا موعدا أو عاشقا دنفـا

فهذه التشبيهات المتلاحقة في بيت واحد وهذا التشخيص للنجم كمظهر من مظاهر الطبيعة، لا يصدر إلا عن خيال مبدع.


أشعاره في الحنين:

ومما يدخل في هذا المنحى الشجي الذاتي، أشعاره في الحنين إلى الماضي، إلى
الأهل والأحباب الذين تفرقوا، إلى الألفة والعشرة الطيبة التي افتقدها،
داعيا بالسقي لتلك الأيام التي تشبه زهرة النيلوفر في عبق نشرها:

سقى الله أياما مضت ولياليــا تحاكي لنا النيلوفر الغض في النشر

فأوراقه الأيام حسنا وبهجـة وأوسطه الليل المقصر للعمـر

لهونا بها في غمرة وتآلــف تمر فلا تدري وتأتي فلا تـدري

فتشبيه الأيام والليالي بالنيلوفر، تشبيه أندلسي صرف، يكشف عن تغلغل موضوع
الطبيعة في نفوس الشعراء الأندلسي وتجلى هذا، بصفة خاصة إحساس ابن حزم
العميق بها، زهرة النيلوفر لخضرتها ويناعتها، وتشبيه الليل المقصر للعمر
بقلب هذه الزهرة (وسطها) لدكانة لونها التي تناسب الليل… فالماضي مشرق
يانع، أما الحاضر فهو داكن كئيب.

ومن أجمل قصائده في الحنين، رغم الطابع البدوي الذي يكتسي لغتها، قصيدته
السينية (التي نسج ابن الأبار سينية أخرى تنظر إليها) وفيها حنين إلى معاهد
الذكريات، حيث غفارة العيش، واجتماع شمل الأحباب، والتي أصبحت أطلالا
دارسة تبكي فراق الشاعر الذي غادرها، منها هذه الأبيات:

أجل هو ربع قد عفته الروامـس فهل أنت ويب غيرك حابـس

لقل له أن تحبس العيس ساعـة عليه فتبكيك الرسوم الطوامـس

إن الشاعر يستوقف الركب، هنا، على عادة شعراء الأطلال ويوقف العيس،
ليسائلها عما فعل الدهر بها، ويأخذ العبرة من تقلبات الزمان وتحول الأيام،
هكذا يعوج بناقته على تلك الأطلال، يبكيها ويذرف الدموع على ماضيه هناك،
لقد كان عيشه بها موفقا -لو دام- لكن هيهات، فالدهر قد أتى على الجميع،
يقول مخاطبا الربع:

فعجب عليه ناقتي وهو سبسـب سقته وجادته الغمام الرواجـس

فقلت ودمعي ساكب متحــدر وإنسان عيني في هواميه غامــس

لقد كان عيشي فيك لو دام موفقا ولكن أبت ذاك الحظوظ الأباخــس

ليالي من أهواه يمسي كأنـه من العفر ظبي بالصريمة كانس

وإذ شملنا باق جميع محسد ولم تقتطع ذاك الدهور الدهارس

وبعد هذا القسم من استحضار الماضي والتحسر عليه، انتقل الشاعر إلى الشيب الذي بدأ يغزو رأسه وفعل الدهر به… الخ.

والقصيدة تسير على منوال القدماء في مراعاة جزالة اللفظ، والميل إلى
القاموس المرتبط، باللغة البدوية، لذكر الأطلال والظباء والعيس، الدهاريس،
السباسب…الخ. ومع ذلك فإن الشاعر لم يكن متكلفا لهذه اللغة البدوية، بل
إنها جاءت مناسبة للمقام.

فقد أخرج ابن حزم من دياره بقرطبة إبان الفتنة بها وجاب المدن الأندلسية،
متنقلا بين مدينة وأخرى، وعند عودته إليها. ألقاها أطلالا دارسة، لما نالها
من خراب، وما تعرضت له من نهب . فلغة البكاء على الأطلال والحنين إلى
العيش الغابر هي اللغة المناسبة في هذا المقام.

ومن أجمل قصائده (وتروى لغيره) قصيدة نظمها يتشوق فيها إلى أهله وولده،
نظمها أثناء حبسه، وقد عارض بها "فراقية" ابن زريق البغدادي التي كان معجبا
بها.

وهي قصيدة رائعة تسكنها اللوعة والحزن، والحنين إلى الحرية واللهفة إلى
لقاء أهله وأولاده، وربما فاقت فراقية ابن زريق في صوق لهجتها ومشاعر الحزن
التي تستشف من لغتها.

يقول واصفا معاناته وغربته:

مسهد القلب في خديه أدمعه قد طالما شرقت بالوجد أضلعـه

داني الهموم، بعيد الدار نازحها رجع الأنين سكيب الدمع مفزعـه

يأوي إلى زفرات لو يباشرهـا قاسي الحديد فواقا ذاب أجمعــه

وفي القصيدة شكوى موجعة مما آلت إليه حاله من ضعف ونحول، ثم في حنين عارم
إلى أهله وولده، ينادي ذاك الراحل بعيدا، نحو دياره، حيث يوجد رمقه وقلبه:

يا راحلا عند حي عنده رمقـي اقرأ السلام على من لم أودعه

وأطول شوقاه ما جد البعاد بهم إليهم مذ سعوا للبين أفظعه

لئن تباعد جثماني فلم أرهـم فعندهم وأبيك القلب أجمعـه

إنه نداء محمل باللهفة والأشواق، إلى الأحباب الغائبين: وقد وظف الشاعر في
هذه القصيدة كل الأساليب الإنشائية التي تظهر انفعالاته ولهفته إلى الحرية
والقفول نحو أهله وعشيرته، كأسلوب الندبة: و ا…. يا…. وأسلوب النداء
والاستفهام وغيرهما، وقد خرجت عن معناها الظاهر إلى سياق التفجع والندبة،
إضافة إلى المقابلات والمفارقات في تصوير لوعته، وما صار إليه حاله وهو
يرسف في القيود… الخ.








موقفه من أهل زمانه:

وإذا كان ابن حزم قد شكا في القصائد السابقة من تحلو الدهر والزمان فإنه في
قصائد أخرى شكا من تحول أخلاق الناس ومن مضايقة أهل زمانه وكيدهم، وله في
ذلك عدة قصائد، منها هذه القصيدة التي ظاهرها الافتخار وباطنها أسى مرير
وحسرة مؤلمة لما قوبل به علمه من إنكار وجحود:

أنا الشمس في جو العلوم منـيرة ولكن عيبي أن مطلعي الغرب

ولو أنني من جانب الشرق طالع لجد على ما ضاع من ذكري النهـب

ولي نحو أكناف العراق صبابة ولا غرو أن يستوحش الكلف الصـب

فإن ينزل الرحمن رحلي بينهم فحينئذ يبدو التأسف والكـرب

فكم قائل أغفلته وهو حاضـر وأطلب ما عنه تجيء به الكتب

هنالك يدري أن للبعد قصـة وأن كساد العلم آفته القرب

إن حسرة ابن حزم تبدو واضحة في هذه القصيدة، حسرته، على ضياع علمه وسط أناس
لا يقدرونه حق قدره، وفي القصيدة شوق الرحيل إلى العراق كبديل آخر.

إن أزمته مع أهل عصره، كونه يعيش بينهم، فلو كان بروزه من جهة الشرق، لقد
روا علمه وأدبه. إنها آفة الأندلسيين والمغاربة على السواء، شكا منها غير
ابن حزم قديما وحديثا من العلماء والأدباء على السواء.

لقد امتحن ابن حزم بالناس، وتسقطوا أخباره في فضول عجيب، قصد الإيقاع به لدى الحكام.

ومما قاله في هذا الصدد قصيدة، نقتصر فيها على هذه الأبيات التي تتسم لهجتها ولغتها بالغضب والاستنكار

إني لأعجب من شأني وشأنهم واحسرتا إنني بالناس ممتحن

ما إن قصدت لأمر قط أطلبه إلا وطارت به الأضعان والسفن

أما لهم شغل عني فيشغلهـم أو كلهم بي مشغول ومرتهـن

دعوا الفضول وهبوا للبيان لكي يدري مقيم على الحسنى ومفتتن

وحسبي الله في بدء وفي عقــب بذكره تدفع الغماء والإحن

فالحسد والنميمة والفضول في تسقط الأخبار رذائل تثير حفيظة ابن حزم، وتثير
مشاعر الغضب في نفسه، وقد عملت أساليب النداء والأمر والتعجب وغيرها من
الأساليب الإنشائية على إبراز هذا الجانب الانفعالي في نفسه اتجاه تلك
الفئة من الناس، وقد أشار إلى هذه الظاهرة في كثير من مؤلفاته وأورد
الأمثال والحكم في ذلك، منها: "أزهد الناس في عالم أهله" ويأتي بقول عيسى
عليه السلام: "لا يفقد النبي حرمته إلا في بلده…" إلى آخر هذا في كتبه
المتفرقة وإذا كان ابن حزم، قد شكا من بعض الحساد والمناوئين من أهل عصره،
وتحسر على افتقاد كثير من القيم كقيمة المحبة والوفاء والمودة بين الناس
والعلم…. فإنه بالمقابل، له أشعار في تمجيد الصداقة والمودة التي مازالت
تربطه ببعض رجالات وأدباء عصره، منهم عبيد الله بن عبد الرحمن بن المغيرة
(ابن أمير المؤمنين الناصر) وكان صديقا لابن حزم، ومما قاله، موجها الخطاب
لهذا الصديق، مؤكدا فيه على المودة التي تجمع بينهما، هذه الأبيات:

أودك ودا ليس فيه غضاضة وبعض مودات الرجال سراب

وأمحضك النصح الصريح وفي الحشا لودك نقش ظاهر وكتـاب

***

ومالي غير الود منك إرادة ولا في سواه لي إليك خطـاب

ومن شعره في الصداقة والأخوة، ما جاوب به صديقه أبا عامر بن شهيد، فقد كتب
إليه في أبيات مؤثرة جدا، لما مرض مرضه الأخير، يطلب من ابن حزم أن يقوم
بتأبينه يوم وفاته، ويشيع ذكره، ويدعو له بالمغفرة والرحمة، وفي هذه
القصيدة يذكره بصداقته والمودة التي تجمع بينهما قائلا:

فمن مبلغ عني ابن حزم وكان لـي يدا في ملماتي وعند مضايـقـي

عليك سلام الله إني مفـارق "وحسبك زادا من حبيب مفـارق"

فلا تنس تأبيني إذا ما فقدتنـي وتذكار أيامي وفضل خلائقي

فلي في ادكاري بعد موتي راحـة فلا تمنعونيها علالة زاهـق

فأجابه ابن حزم:

أبا عامر ناديت خلا مصافيا يفديك من دهم الخطوب الطـوارق

وآلمت قلبا مخلصا لك ممحضـا بودك موصول العرى والعلائق

وقد سبق الحديث عما تمثله قيم كالصدق والصداقة والوفاء من منزلة عند ابن
حزم، وهو كثيرا ما يؤكد على هذه القيم في مواطن عديدة من مؤلفاته، وفي طوق
الحمامة أن خلة الوفاء لازمته دائما اتجاه أصدقائه ومعارفه وهو لا ينسى
أبدا أقل ذمة تربطه بإنسان مهما كان.


أشعار تأملية زهدية:

هي خلاصة تجاربه، وتعبير عن نظراته في الدهر والزمان وتأملات في أخلاق الناس، وفي الحياة والموت وما بعد الموت.

وهي قصائد طويلة نسبيا قياسا مع أشعاره الأخرى في الموضوعات التي سلف عرضها.

منها هذه الأبيات من قصيدة يؤكد فيها على قيمة الدين وقيمة العرض… معتبرا ما دونهما من أمور الحياة هي يسير، لأنها لا تدوم قائلا:

جعلت اليأس لي حصنا ودرعـا فلم ألبس ثياب المستضـام

وأكثر من جميع الناس عنـدي يسير صانني دون الأنام

إذا ما صح لي ديني وعرضي فلست لما تولى ذا اهتمــام

تولى الأمس والغد لست أدري أأدركه ففيما ذا اغتمام

ومن أجمل قصائده في هذا الباب هذه القصيدة التي أوردها الحميدي، فيما يتعلق
بالدهر وصراع الإنسان معه، والذي لا يذيقه سوى الندم والهم والحسرة بعد أن
تذهب اللذات وتزول المتع:

هل الدهر إلا ما عرفنا وأدركنـا فجائعه تبقى ولذاته تفنــى

إذا أمكنت منه مسرة ساعـة تولت كمر الطرف واستخلفت حزنا

إلى تبعات في المعاد وموقف نود لديه أننا لم نكن كنا

حصلنا على هم وإثم وحسـرة وفات الذي كنا نلذ به عنـا

حنين لما ولى وشغل بما أتـى وغم لما يرجى فعيشك لا يهنـا

كأن الذي كنا نسر بكونــه إذا حققته النفس لفظ بلا معنـى

وهذا البيت الأخير من أجل أبيات الحكمة -في رأينا- لما فيه من صدق وإيجاز وتكثيف للمعنى.

أما قصائده الوعظية والزهدية فهي طويلة، قياسا مع باقي شعره. وفيها تكرار للمعنى بصور مختلفة بغية تثبيته في الوجدان والأذهان معا.

من هذه المطولات هائيته التي يبدأها بالحديث عن نفسه بضمير الغائب:

أقصر عن لهوه وعن طربـه وعف في حبه وفي غربـه

فليس شرب المدام همته ولا اقتناص الظباء من أربـه

ففي هذه القصيدة نداء للنفس بالعدول عن الأهواء والمسارعة إلى النجاة والاجتهاد في الخير حتى تفور بالخلاص.

كما أن فيها دعوة زهدية حارة إلى نبذ الملذات وكل ما مصيره الفناء في هذه الدنيا التي تذوي غضارتها سريعا:

دع عنك دارا تفنى غضارتهـا ومكسبا لا عبا بمكتسبه

فكم من طالب لمكاسب الدنيا، أتى عليه الموت فحال دون ما يريد، وكم من إنسان
ارتقى أعلى القمم في مراتب الدنيا فإذا به ينزل إلى الحضيض… الخ

وليس التقي كالفاسق، كما أن صدق الكلام ليس من كذبه هكذا يمضي ابن حزم يحذر
من الدنيا الغرارة، التي يحاول الإنسان الإمساك بمصالحها الآنية دون جدوى.

فكم من نفوس تقطعت في سبيل مكاسب واهية، وكم تجد في أثرها، وهي (أي الدنيا)
تجد في الهرب باستمرار كالسراب. ويتعجب الشاعر -رغم كل هذا- من تهافت
الناس عليها وعدم تمسكهم بالجوهر والأبقى.

من هذه القصائد الزهدية والوعظية أيضا، هائية أخرى طويلة جدا، وفيها
كالقصيدة السابقة تحذير للنفس من الإنسياق وراء ملذات الدنيا الفانية وعدم
الاغترار بما قد يبدو من غضارة العيش فيها، فهي غضارة ستذوي سريعا ويمحي
لونها الأخضر. بعد هذا القسم الخبري ينتقل إلى التعجب، تعجبه من ذلك
الإنسان المغتر بالدنيا وبمتع الحياة مع أن الموت يلاحقه، فتبا لنفس لا
ترعوي قادها لهو ساعة إلى العذاب:

أعارتك دنيا، مسترد معارهــا غضارة عيش سوف يذوي اخضرارها

وهل يتمنى المحكم الرأي عيشة وقد حان من دهم المنايا مزارهـا

وكيف تلذ العين هجعة ساعة وقد طال فيما عاينته اعتبارهـا

القصيدة فيها نفس وعظي حزين، كأنه وتر جنائزي، وقد ساعد على ذلك إيقاع
القصيدة الذي يمتد بطيئا، وحركة المد التي أشبع بها الروي "الهاء" مما جعل
إيقاعها مردودا وممتدا.

وفي هذه القصيدة تكرار التوبيخ للنفس الإنسانية، وهي عند ابن حزم نفس أمارة
بالسوء، ميالة دوما إلى الأهواء والرغبات المادية، كما أنها عمياء في
ميولها إلا من كبح جماعها بالعقل، وألجمها بالتبصر في عواقب الأمور.

هكذا يمضي في القصيدة يقرع تلك النفس التي تنساق دوما وراء الملذات والمكاسب الفانية، ضاربا الأمثلة بالأمم البائدة.

ثم ينتقل إلى تحليل الاضطرابات النفسية لذلك الشخص الذي لا يستطيع التحكم
في نوازعه وميوله، إما ضعفا أو خوفا من سلطة دنيوية وكأن ابن حزم يستبطن
دواخله، ولا عجب، فقد ألف رسالته مداواة النفوس وفيها استشفاف باطني لكل
أحوال النفس البشرية وأهوائها وتقلباتها بين الحسد والطمع والرياء والنفاق
والإنسياق مع الشهوات…. وكل الأمراض النفسية، من أبيات هذه القصيدة:

أراك إذا حاولت دنياك ساعيـا على أنها باد إليك ازورارهـا

وفي طاعة الرحمن يقعدك الونـى وتبدي أناة لا يصح اعتذارهـا

تحاذر إخوانا سنفنى وتنقضـي وتنسى التي فرض عليك حذارهـا

كأني أرى منك التبرم ظاهـرا مبينا! إذا الأقدار حل اضطرارهـا

هناك يقول المرء من لي بأعصـر مضت كان ملكا في يدي خيارهـا

وهكذا يمضي ابن حزم في تحليل مشاعر الندم والحسرة التي قد تنتاب هذا
الإنسان ساعة الاحتضار، وقد بقي وحيدا يواجه ربه، بعد أن تبرأ منه كل
الخلطاء يواجه ظلمة القبر، ويستحضر يوم البعث، مترقبا يوم الجزاء.

وكأننا عندما نقرأ هذه القصيدة نتتبع مع الشاعر السناريو المحزن والمفجع
للمصير الإنساني، منذ شبابه وإقباله على الدنيا، وانغماسه فيها إلى آخر
رمقه، بل كأننا نشاهد شريطا لأطوار النفس البشرية يعرضه ابن حزم أمام شاشة
مكبرة.

وقد ساعده على ذلك توظيفه لكثير من الأساليب الإنشائية كالنداء والتعجب والاستفهام الإنكاري والأمر والنهي والتقريع…الخ.

كما تراوح أسلوب القصيدة بين الإخبار والطلب، مما منحها حيوية وإقناعا وتأثيرا.

كما أن هذه الأساليب كلها تكشف عن توتر الشاعر وعن مشاعر التدين في نفسه.


الخصائص الفنية لشعر ابن حزم:

انطلاقا من هذا البحث يمكن إجمال الخصائص الفنية لشعر ابن حزم في النقط التالية:

1 - كان ابن حزم يقول الشعر استيحاء من المواقف النفسية التي كانت تعرض له ومن التجارب الحية التي يمر بها.

لم يكن الشعر تهويما خياليا فحسب، أو مجرد صنعة فنية أو تقليدا لتجارب
الآخرين، بل هو سرد أدبي للواقع وتسجيل فني له، الشعر عنده يكاد يطابق
الحياة كما نجد لدى دلتاي في كتابه التجربة والشعر . وهو أحد أقطاب النقد
في المدرسة الألمانية الحديثة، حيث نفى في كتابه هذا انفصال الشعر عن
الحياة. لذلك كثر الارتجال في شعره وقد تعجب الحميدي من سرعة بديهته في قول
الشعر، حيث قال: "وكان له في الآداب والشعر نفس واسع، وباع طويل. وما رأيت
من يقول الشعر على البديهة أسرع منه، وشعره كثير، وقد جمعناه على حروف
المعجم".

كما أنه بسبب هذا الارتجال، خلا شعره من الصنعة اللفظية إلا ما جاء عفوا،
وقد تسبب هذا، في رأي إحسان عباس في ضعف بعض مقطوعاته وأشعاره المرتجلة .

2 - أسس ابن حزم -في رأينا- لغة غزلية أخرى، مخالفة لما كان معهودا لدى
معظم الشعراء، وهي لغة قائمة على الصدق والواقعية وعلى تجارب عاطفية حقيقية
مر بها.

كما أن المرأة التي يصفها، أو يصف حبه لها، امرأة واقعية متعينة، وقد سمى بعض النساء بأسمائهن الحقيقية في شعره.

3 - الواقعية، وكما سبقت الإشارة فابن حزم كان يكره الكذب حتى في الشعر
وينفر من المبالغات البعيدة لذا جاء شعره قريبا جدا من الواقع، يحكي عن
أشخاص واقعيين، وينقل الحوار الدائر بينه وبين المخاطب: قال: وقلت أو
الجدال بينه وبين مناوئيه…الخ.

هذه السمة يمكن التقاطها من كل أشعار ابن حزم، فالشعر كما سلف الذكر، تعبير عن الحياة ونقل للأفكار والمعاني.

4 - النزوع نحو التقاط الجزئيات الصغيرة والتفاصيل الدقيقة، وقد لا حظنا
ذلك، سواء في تصويره لعواطفه وحبه أو تصوير البيئة الأندلسية وطبيعتها أو
في تصوير دقائق الأخلاق البشرية.

وتقديم صورة دقيقة عن النزعات الإنسانية ومظاهرها الخارجية من حركة ولون ونظرة وكلام وصمت… الخ.

هذا النزوع نحو التقاط الجزئيات يمكن أن نطلق عليها (السمة الأندلسية)
ونجدها لدى بعض الشعراء الكبار، ذوي الإحساس المرهف، أمثال ابن خفاجة بل
تمتد إلى العصر الحديث، خاصة عند الشاعر الغرناطي غرثيا لوركا، مثلا.

5 - التحليل والتفريع في شعره، نتيجة ثقافته المتبحرة الواسعة كالأصول
والجدل على الخصوص، والفقه والتفسير والتاريخ… الخ خصوصا تلك الأشعار التي
واجه بها خصومه مجادلا.

وهناك إضافة إلى هذا عدة جوانب وصور يمكن التقاطها من شعره، جوانب أخلاقية
وسلوكات بعض أفراد المجتمع الأندلسي، وطريقة تفكير أهل عصره…. الخ .


وفاتــه :

توفي ابن حزم في عام 456 هجرية بعد حياة زاخرة بالعلم والاجتهاد .

منقول بتصرف واضافة .



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ابن حزم الاندلسي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شباب جامعة إب :: الاقسام العلمية :: كلية الاداب :: منتدى اللغة العربية-
انتقل الى: