المسجد "العمري" بإدفو.. أحد أشهر الآثار
الإسلامية في القرن الثامن الهجري في العصر المملوكي الشركسي بمصر في عهد
السلطان برقوق.. أخيراً امتدت إليه يد التطوير والترميم لينضم بعد 18 شهراً
من الآن إلي قائمة المزارات السياحية الهامة.. بعدما اعتمد المجلس الأعلي
للآثار 4 ملايين جنيه لترميمه.
"الجمهورية" زارت المسجد العمري لتشهد مع منطقة آثار إدفو الإسلامية بدء
عمليات الترميم فيه.. فالمسجد واحد من العلامات البارزة في التراث الديني
لمدينة إدفو منذ انشائه في عام 797 هجرية وتم ضمه للمجلس الأعلي للآثار عام
..1999 ويقع في المنطقة الغربية بوسط المدينة بالقرب من المعابد.
الأثري عبدالسلام حسن عبدالله مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية لمنطقة
آثار إدفو.. يقول ان أعمال الترميم تشمل أروقة المسجد ومئذنته وصحنه وترميم
الأجزاء المتهدمة والزخارف الإسلامية.. ويمتد التطوير إلي المنطقة المحيطة
بالمسجد من خلال إعادة تأهيلها للحفاظ علي طابعها الإسلامي.
المسجد تم بناؤه من الطوب اللبن والطوب الأحمر وعرض الحوائط به أكثر من متر
وتخطيطه المعماري يتضمن صحناً كبيراً تحيط به أروقة علي شكل مستطيلات ولكن
بسبب تدخل الاهمال في عمليات الترميم والبناء أصبح الشكل الآن مستطيلاً
مختلف الأضلاع فالجدار القبلي طوله 28 متراً والجدار المقابل له طوله 23.50
متر والوجهة الغربية طولها 21 متراً والوجهة الشرقية طولها 16 مترا ومقسم
إلي 5 أروقة بواسطة أربعة صفوف من الأعمدة المختلفة الأشكال والأحجام
وعددهم 7 أعمدة بعضها فرعوني علي شكل زهرة اللوتس والزهرة المركبة وزعف
النخيل ومن الجرانيت وعليها نقوش فرعونية ومن المحتمل أنها أخذت من معبد
إدفوا وأي معابد أخري..
أما باقي الأعمدة فتأخذ الشكل الإسلامي وهي اسطوانية الشكل وكبيرة الحجم
ومن الطوب الأحمر والمسجد له مدخلان علي الشكل الدائري القديم المدخل الأول
في الشرق وهو المدخل الرئيسي للمسجد والثاني غربي وبه ست نوافذ تطل علي
ساحة خارجية تحيطها منطقة سكنية عشوائية وبعض المحلات التجارية.. أما سقف
المسجد فهو خشبي محمل علي براطيم خشبية "عروق خشبية" وساريات من جذوع
النخيل ومغطي بجريد النخل ويتوسط السقف شخشيخة "النجف" خشبية للإضاءة
وارتفاع المسجد يصل إلي 5 أمتار.
مسجد معلق
ويؤكد الأثري عبدالسلام أن المسجد يعتبر من المساجد المعلقة حيث تم بناؤه
علي تل مرتفع من الأرض بحوالي أربعة أمتار ويتم الوصول إليه عن طريق سلالم
أمام المدخل الشرقي الشمالي الذي يتوج بعقد مدائمي بسيط مكتوب عليه اسم
الجامع وتاريخ بنائه وبعض الآيات القرآنية.
أشار إلي أن مئذنة المسجد فريدة ولوحة جمالية بديعة تشبه المأذنة الفاطمية
وهي مقامة علي ساحة مربعة بطول 4.5 متر يعلوها شكل مخروطي مضاء بنوافذ علي
أشكال مزخرفة وفي نهاية المئذنة يوجد كابول يحمل خوذة دائرية مثبت عليها
الهلال وتقع المئذنة في الركن الجونبي الغربي للمسجد أما الأرضية فهي من
البلاط الحجري القديم وبعض الأجزاء مكسوة بالحصباء ويوجد به مطهرة صغيرة.
أشار إلي أن المسجد يعد من المساجد الهامة ويعتبر المسجد الأثري الإسلامي
الوحيد في أسوان والمسجل لدي هيئة الآثار وان تم العثور علي ثلاث لوحات
أثرية بالمسجد لعصور مختلفة الأولي داخل صحن المسجد وتوجد في حائط القبلة
ومؤرخة بتاريخ 797 هجرية والثانية خارج صحن المسجد وتوجد أعلي المدخل
الغربي ومؤرخة بتاريخ 1300 هجرية والثالثة خارج صحن المسجد ومؤرخة بتاريخ
1309 هجرية ومشيراً لأهمية اللوحة الأولي المكتشفة عام 1978 وهي عبارة عن
مرسوم ملكي يرجع إلي العصر المملوكي الشركسي وتأخذ الشكل المستطيل بأطوال
64سم*42سم وعليها كتابات عربية بارزة تتكون من ثمانية أسطر بالخط العربي
الثلث النسخي وهو الخط المنتشر في العصر المملوكي الشركسي السطر الأول به
البسملة والسطر الثاني يوجد به التاريخ وهو 7 من ذي القعدة لسنة 797 السطر
الثالث يوجد عليه الألقاب السلطانية في ذلك العصر البرقوقي ويوجد اسم
السلطان البرقوقي في السطر السادس والسطر السابع يوجد اسم الأدفوي الذي
سميت عليه اسم مدينة إدفو وأيضاً يوجد شيخ اسمه الادفاوي بالمدينة أما
السطر الثامن عليه دعاء.
أوضح أن هيئة الآثار قامت بإدراج هذا المسجد في مشاريع الأبحاث والدراسات
عام 2003 وقام بتنفيذ المشروع مركز الآثار والبيئة كلية الهندسة جامعة
القاهرة واستغرقت هذه الدراسة أكثر من سنتين وتم طرح المشروع لترميمه
وإرجاعه للأصل وتشرف علي التنفيذ إدارات متخصصة في الكشف عن الآثار لأنه من
المحتمل العثور علي لوحات أثرية أخري بجانب أن المسجد يقع علي منطقة أثرية
من المحتمل أن يكون معبراً فرعونياً آخر وهذا يتطلب إجراءات خاصة للترميم.

وقال إن الأعمال تتضمن ترميم جدران المسجد من التشققات وعمل سقف جديد
لحمايته من الأتربة والأمطار وترميم وتجريد المئذنة والميضاء خارج المسجد
وتجديد الأرضية وعمل الإضاءة اللازمة استعداداً لاستقبال الزوار من
السائحين العرب والمسلمين من مختلف الجنسيات ويشير الأثري عبدالسلام إلي
وجود منطقة عشوائية حول المسجد ويطالب بتعاون الأجهزة التنفيذية والمحلية
والشعبية مع هيئة الآثار لإزالة هذه المساكن والمحلات التي تعوق عمليات
الترميم والتجديد للمسجد.
ويؤكد أن مكتب آثار إدفو قد حصل علي بعض موافقات الاهالي بترك المنطقة
والتنازل عن مساكنهم لهيئة الآثار ويطالب بأن يكون حرم المسجد أي المنطقة
المحيطة به حوالي 4 أمتار علي الأقل ويطالب بتجميل المنطقة حول الأثر
والمسجد حتي منطقة معابد إدفو خاصة ان السائح الذي يزور معبد ادفو يري
ويشاهد المسجد علي بعد عدة أمتار من المعبد.