أعلن يوم الاثنين الماضي في العاصمة اليمنية صنعاء عن وفاة العلامة الدكتور عبد الكريم زيدان عن عمر ناهز 97 عامًا.
ويعد الدكتور عبد الكريم زيدان أحد أبرز وجوه الفكر الإسلامي ومنظري الدعوة الإسلامية، وتقلد العديد من المناصب، وله عشرات المؤلفات في القانون والشريعة والدراسات الإسلامية.
يقول تلميذُه د. سامي الجنابي في ترجمته:
أستاذنا العلامة الفقيه الأصولي، بقية السلف وذخيرة الخلف، وريحانة العراق بل ريحانة العلم، أينما حل وارتحل، الشيخ الدكتور عبدالكريم زيدان بن بيج العاني من عشيرة المحامدة إحدى فروع قبيلة الدليم ولد ببغداد عام 1921 على ماحققه الدكتور حسين الدليمي الذي حصل على شهادة الدكتوراه في دراسته عن الدكتور عبد الكريم زيدان ومنهاجه في الدعوة.
توفي والده وهو في الثالثة من عمره.
أكمل دراسة الأولية في بغداد. دخل دار المعلمين الابتدائية وبعد تخرجه فيها أصبح معلمًا في المدارس الابتدائية، دخل كلية الحقوق ببغداد وتخرج فيها. عين بعدها مديرًا لثانوية النجيبية الدينية. التحق بمعهد الشريعة الإسلامية من جامعة القاهرة ونال الماجستير بتقدير ممتاز، وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة سنة 1962 بمرتبة الشرف الأولى.
استفاد من بعض المشايخ والأساتذة العراقيين والمصريين، من أمثال الشيخ أمجد الزهاوي، والشيخ عبد القادر الخطيب، والشيخ نجم الدين الواعظ، والشيخ محمد محمود الصواف، والشيخ علي الخفيف، والشيخ محمد أبو زهرة، والشيخ حسن مأمون، والشيخ علامة العراق في الحديث السلفي عبد الكريم الصاعقة. أستاذ الشريعة الإسلامية ورئيس قسمها في كلية الحقوق بجامعة بغداد سابقًا.
وأستاذ الشريعة ورئيس قسم الدين بكلية الآداب بجامعة بغداد سابقًا.
وأستاذ الشريعة بكلية الدراسات الإسلامية وعميدها سابقًا.
وهو لقب نادر جدًّا لم يحصل عليه أحد في العراق إلا الدكتور عبد الكريم زيدان أستاذ متمرس في جامعة بغداد.
له العديد من المؤلفات التي لم يسبق إلى مثلها:
1.أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام.
2.المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية.
3.الكفالة والحوالة في الفقه المقارن.
4.أصول الدعوة.
5.الفرد والدولة في الشريعة.
6.المفصل في أحكام المرأة وبيت المسلم في الشريعة الإسلامية، وهو في 11 مجلدًا.
7.الوجيز في شرح القواعد الفقهية في الشريعة الإسلامية.
8.الشرح العراقي للأصول العشرين.
9.نظرات في الشريعة الإسلامية.
1.أثر القصود في التصرفات والعقود.
2.اللقطة وأحكامها في الشريعة الإسلامية.
3.أحكام اللقيط في الشريعة الإسلامية.
4.حالة الضرورة في الشريعة الإسلامية.
5.الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام.
6.الاختلاف في الشريعة الإسلامية.
7.عقيدة القضاء والقدر وآثرها في سلوك الفرد.
8.العقوبة في الشريعة الإسلامية.
9.حقوق الأفراد في دار الإسلام.
10.القيود الواردة على الملكية الفردية للمصلحة العامة في الشريعة الإسلامية
11.نظام القضاء في الشريعة الإسلامية.
12.موقف الشريعة الإسلامية من الرق.
13.النية المجردة في الشريعة الإسلامية.
14.مسائل الرضاع في الشريعة الإسلامية.
15- المستفاد من القصص القرآني في مجلدين.
وقد حصل على جائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية سنة 1417 هـ / 1997م. وهي الموسوعة الفقهية عن أحكام المرأة والبيت المسلم في أحد عشر مجلدًا، وحدثني أحد المحكمين أنهم أجمعوا على استحقاقه لهذه المرتبة العلمية والجائزة العالمية.
وكتابه هذا كسائر كتبه يتسم بحسن التبويب والتقسيم، ولم أجد فيما قرأت عالمًا له عناية بالتبويب والتقسيم وترتيب المباحث كما وجدته عند أستاذنا، وكان قد أشرف على رسالتي في أصول الفقه فلم أر مثله في عمق فقهه وغوصه على درر المعاني الأصولية والفقهية، والقدرة على تصور القضايا والتمييز بين المتشابهات العويصة، والفرز بينها، وترجيح الراجح منه وفق الدليل.
كما أن الله جل في علاه وسعة كرمه وعطائه حباه بذاكرة حديدية يستحضر المعاني والأقوال الفقهية مهما بعد زمانها، وأذكر أنه أملى عليَّ في مقدمة البحث بعض العبارات فكتبتها ثم أعدت صياغة البحث وعدلت في العبارة بحسب اجتهادي، وبعد مدة طويلة لما قرأت البحث عليه قال: أين العبارة التي أمليتها عليك؟ قلت: قد صغتها صياغة جديدة فقال: لا اكتبها مرة أخرى، وأعادها كما هي من حفظه دون زيادة أو نقصان.
وله همة عالية في متابعة شؤون الدعوة الإسلامية في العراق، فلا يكاد يمر عليه يوم إلا ويسأل عن البلد وأخباره والدعاة وأحوالهم، ويتفقدهم ويوجه وينصح هذا، وهو قد ناف على التسعين من عمره المبارك.
لم يكن حريصًا على المناصب ورأيته من أزهد الناس في الشهرة والتقرب إلى الأمراء والرؤساء، وأبعدهم عن التكلف والرياء.
وقته مقسم بين تلاوة القرآن أو مطالعة ما يكتبه تلاميذه من الرسائل ومناقشتهم في منزله، أو التأليف أو استقبال العلماء والتلاميذ، أو التدريس، ولا تمر عليه لحظة بفضل الله من دون عمل صالح.
وهو في عموم فتاواه وأبحاثه لا يخرج عن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، ويكاد يحفظ أقواله. وكان يوصي بكتب شيخ الإسلام، ويثني عليها ثناء العالم المحقق، ويؤكد في مجالسه على عقيدة السلف وما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية سيما العقيدة الواسطية والتدمرية، وكتاب العبودية، والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وغير ذلك من الكتب.
اختصر العقيدة الطحاوية، وقررها على جماعة الإخوان في العراق، ولذلك تجد الإخوان العراقيين والكويتيين سلفيين في العقيدة.
أسس كلية الدراسات الإسلامية نهاية الستينيات ليتيح العلم الشرعي على منهاج السلف، فتخرج من الكلية عشرات الطلاب، ولما جاء حزب البعث أغلقها وحاصر الإسلاميين وألغى المدارس الدينية، وبقي الشيخ في شبه إقامة جبرية.
لم يعرف العراقيون قدره فضيعوه سيما الحكومة البعثية، فحاصره البعثيون وضيقوا عليه، فاضطر للهجرة أوائل التسعينيات. ولو كان في البلاد التي تكرم العلماء كالحجاز والأزهر لما تجرأ أحد في التقدم عليه علمًا ومرتبة.