البلاغة الواضحة
علمُ البيان
التشبيهُ :
أركانهُ
الأمثلةُ :
(1) قال المَعَرِّيُّ في الْمَديح :
أَنْتَ كالشَّمْس في الضِّياءِ وإِن جا … …وَزْتَ كيوانَ فِى عُلُوّ المكان
(2) وقال آخرُ :
أَنْتَ كاللَّيْثِ في الشَّجَاعةِ والإقْدام وَالسَّيْفِ في قِراعِ الخُطوب
(3) وقال آخرُ :
كأَنَّ أَخْلاقَكَ فِي لُطْفِها … …ورقَّةٍ فِيها نَسِيمُ الصَّباحْ
(4) وقال آخرُ :
كأَنَّما الْماءُ فِي صفاءٍ … …وَقَدْ جَرَى ذَائِبُ اللُّجَيْن
البحثُ:
في البيت الأَول عَرفَ الشاعِرُ أَن مَمْدُوحَه وَ ضِيءٌ الوجهِ مُتَلألئُ
الطلعة، فأَراد أن يأْتي له بمَثِيل تَقْوَى فيه الصفةُ، وهي الضياء
والإشراقُ فلم يجد أقوى من الشمس، فضاهاه بها، ولبيان المضاهاة أتي بالكاف.
وفي البيت الثاني رأى الشاعر ممدوحه متصفاً بوصفَيْن، هما الشجاعة ومصارعة
الشدائد، فَبحَث له عن نَظيرَيْن في كلٍّ منهما إِحدى هاتين الصفتين قويةً،
فضاهاه بالأسدِ في الأولى، وبالسيف في الثانية، وبيَّن هذه المضاهاة
بأَداة هي الكاف.
وفي البيت اِلثالث وجَدَ الشاعرُ أخلاق صَدِيقِه دمِثَةً لَطِيفَةً تَرتاحُ
لها النفسُ، فَعملَ على أنْ يأْتي لها بنظير تَتَجَلَّى فيه هذه الصَّفة
وتَقْوَى، فرأَى أنَّ نسيمَ الصباح كذلك فَعَقَدَ المماثلة بينهما، وبيَّن
هذه المماثلة بالحرف "كأن".
وفي البيت الرابع عَمِل الشاعِرُ على أَنْ يَجدَ مثيلاً للماء الصافي
تَقْوَى فيه صِفَةُ الصفاء، فرأَى أَنَّ الفضة الذائبةَ تَتجلَّى فيها هذه
الصفةُ فماثل بينهما، وبيَّن هذه المماثلة بالحرف "كأنَّ".
فأَنتَ ترى في كل بيت من الأبيات الأَربعة أَنَّ شيئاً جُعِلَ مَثِيلَ شيء
في صفةٍ مشتركة بينهما، وأَنَّ الذي دلّ على هذه المماثلة أَداةٌ هي الكاف
أَو كأَن، وهذا ما يُسَمَّى بالتشبيه، فقد رأَيتَ أَن لا بدَّ له من أَركان
أَربعة: الشيء الذي يراد تشبيهه ويسمَّى المشبَّه، والشيءَ الذي يُشَبَّه
به ويُسمَّى المشبَّه به، (وهذان يسميان طرفي التشبيه)، والصفةُ المشتركة
بين الطرفين وتسمَّى وجه الشَّبَه، ويجب أَنْ تكون هذه الصفةُ في المشَبَّه
به أَقوى وأَشهَرَ منها في المشبَّه كما رأَيت في الأمثلة، ثم أداةُ
التشبيه وهي الكاف وكأَن ونحوهما .
ولا بدَّ في كل تشبيهٍ من وجود الطرفين، وقد يكون المشبَّه محذوفاً للعلم
به ولكنه يُقَدَّرُ في الإِعراب، وهذا التقدير بمثابةِ وجوده كما إذا
سُئِلت "كيفَ عليٌّ"؟ فقلت: "كالزهرة الذابِلةِ" فإِن "كالزهرة" خبرٌ
لمبتدأ محذوف، والتقدير هو الزهرة الذابلةُ، وقد يحذف وجه الشَّبه، وقدْ
تحذف الأداة. كما سَيُبَين لك فيما بعد.
القواعدُ
(1) التشْبيهُ:ْ بَيانُ أَنَّ شَيْئاً أَوْ أشْياءَ شارَكَتْ غيْرَها في
صفةٍ أوْ أَكْثرَ، بأَداةٍ هِيَ الكاف أَوْ نحْوُها ملْفوظةً أَوْ
ملْحُوظةً.
(2) أَركانُ التَّشْبيهِ أرْبعةٌ، هيَ: المُشَبَّهُ، والمشُبَّهُ بهِ،
ويُسَمَّيان طَرَفَي التَّشبيهِ، وأَداةُ التَّشْبيهِ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ،
وَيَجبُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى وَأَظْهَرَ فِي الْمُشبَّهِ بهِ مِنْهُ فِي
الْمُشَبَّهِ.
نَمُوذَجٌ
قال الْمعَريُّ :
رُبَّ لَيْل كأَنَّه الصُّبْحُ في الْحُسـ … …ـن وإنْ كانَ أَسْوَدَ الطِّيْلَسان
وسهيْلٌ كَوجْنَةِ الْحِبِّ في اللَّوْ … …نِ وقَلْبِ الْمُحِبِّ فِي الخفقان
الجواب ُ
البيت الأول:
المشبه: الضمير في كأَنه العائد العائد على الليل
المشبه به : الصبح
الأداة : كأن
وجه الشبه : الحسن
البيت الثاني:
المشبه به : سهيل
المشبه به: وجنة الْحب
الأداة: الكاف
وجه الشبه : اللون والإحمرار